يُعتبر تحديد مكان تواجد قبيلة "عاد"، وهي إحدى أشهر القبائل القديمة المذكورة في الكتاب المقدس والتراث الإسلامي، مسألة مهمة ومثيرة للاهتمام في مجال الدراسات التاريخية والأثرية. استناداً إلى النصوص الدينية والأدلة العلمية الحديثة، يمكن القول إن موقع قوم عاد كان في مناطق الجنوب الشرقي لشبه الجزيرة العربية تحديدا في المنطقة المعروفة الآن باسم الإمارات والبحرين شمال شرق سلطنة عمان.
وفقاً للتفسير القرآني والسنة النبوية، فإن أرض قوم عاد كانت تُسمى "واد الاهقاف". هذا الوصف يوحي بأن موطنهم كان عبارة عن صحراء واسعة تتميز برمالها الناعمة المرتفعة. يشير العديد من المؤرخين والمختصين بهذا المجال إلى أن أقرب تضاريس جيولوجية تتناسب مع هذا الوصف هي الحافة الغربية لمنطقة الربع الخالي، والمعروفة أيضاً بالتلال الرملية الكبيرة التي تمتد نحو الشرق حتى حدود البحر الأحمر. وهناك وجهة نظر أخرى تشير إلى الأراضي الواقعة جنوب غرب قطر حالياً والتي تعرف بـ"سلطانة" والتي تحمل سمات مشابهة لوادي الأحقاف كما تصفه النصوص الدينية.
ومن الجدير بالذكر أن التحالف الاستراتيجي للقوة البشرية والعمرانية لقوم عاد قد عززا مكانتهما بشكل كبير. لقد كانوا قادرين على بناء مدن ضخمة تسكنها أجسام بشرية عملاقة وفقاً لما ورد في بعض التفسيرات التقليدية للقرآن الكريم. أما آثار تلك المدن العظمى فهي اليوم محاطة بسر الغموض رغم اكتشافاتها المتفرقة والتي تعكس بلا شك مستوى متقدماً من الهندسة والتشييد خلال العصر البرونزي القديم.
يتضح من الأدلة الموجودة أن مجتمع قوم عاد تميز باقتصاد قائم أساساً على الزراعة والثروة الحيوانية بالإضافة إلى التجارة الخارجية. ويبدو أن امتداد نفوذهم الاقتصادي والبناء لم يكن محدودا داخل حدود المكان الحالي للسعودية بل تجاوز ذلك بكثير لتشمل أجزاء كبيرة من الجزيرة العربية المحيطة بها.
وفي النهاية، بينما تستمر عمليات التنقيب والاستكشاف الجارية لفك لغز أسرار الشعوب القديمة مثل شعب "عاد"، فإن الموقع الأمثل لهذه القبيلة يبقى محل نقاش وسط المجتمع الأكاديمي، إلا أنه بدون جدال فهو جزء حيوي للغاية من الرواية العالمية للإنسانية المبكرة والحضارة الإنسانية الأولى.
