الأم هي رمز الحب والعطاء بلا حدود، وهي مركز الأسرة وركن أساسي في المجتمع. إن دور الأم في الحياة الإنسانية يفوق كل وصف، فهي التي تهتم برعايتها لأطفالها منذ لحظة ولادتهم حتى بلوغهم مقتبل العمر. إنها تحمل بين أحضانها أولادهما وتمنحهم دروسا حياتية مهمة تعلمهم القيم النبيلة مثل الصبر والإيثار والحنان. لذلك فإننا نجد أن الإسلام قد أكد على أهمية مكانة الأم وأشار إلى أنها تستحق أعلى مراتب الشكر والثواب بعد الله سبحانه وتعالى.
في الحديث الشريف يقول الرسول صلى الله عليه وسلم "جَنبِيَا انْتِ الْجَنَّة"، عندما سأل السائل: يا رسول الله! ومن هما؟ قال: "أُمُّ وَابْنٌ". هذه الأحاديث تؤكد مدى أهمية البر بالوالدين بشكل عام والأم بشكل خاص. فالبر بالأم ليس فقط مقابل ما تقدمه لنا من رعاية وحنان، ولكن أيضاً لأنه عبادة لله عز وجل. فقد قرن القرآن الكريم الأمر بطاعة الوالدين مع العبادة نفسها قائلاً: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}.
إن احترام الأم ومراعاتها ليست حقوقاً لها فحسب، بل هي مسؤوليات علينا كمجتمع مسلم. يمكننا تعزيز هذا الشعور عبر غرس ثقافة تقدير واحترام كبار السن عموما والمطلقات خاصة في نفوس الأطفال منذ سن مبكرة. كما ينبغي تشجيع الشباب والشابات على تبني مبادرات اجتماعية تساهم في تحسين ظروف حياة الأمهات وتوفير بيئة آمنة لهن ولأطفالهن. ومن الأمثلة العملية لذلك دعم الجمعيات الخيرية التي تعمل على مساعدة الطفلة اليتيمة وتزويدها بحياة كريمة مليئة بالحنان والحب.
بالإضافة إلى ذلك، تلعب المرأة دوراً محورياً داخل الأسرة خارج نطاق الأدوار التقليدية التقليدية للأمومة فقط؛ إذ تساهم بنشاط كبير في بناء مستقبل البلاد اقتصاديا وثقافيا وعلميا. ولذلك فإن النهوض بمكانة المرأة وتحقيق توازن بين المسؤوليات المنزلية والوظيفية يضمن رفاهيتها وبالتالي رفاهية مجتمعاتها المحلية والعالمي. وفي النهاية، فإن تحقيق العدالة الاجتماعية وتمكين النساء يعود بالنفع والفائدة لكل أفراد الأسرة والمجتمع الكبير.
ختاماً، يبقى أن نقول بأن فضل الأم لا يقاس بكلمات ولا يمكن رد جميلها مهما بذلنا جهوداً كبيرة، إلا أنه بإمكاننا تقديم بعض الخطوات الصغيرة لتكريم نساء العالم أجمع وخاصة أمهات المسلمين يومياً وليست مرة واحدة خلال العام فقط. فعلى سبيل المثال، يمكن اتخاذ قرار بتطهير البيوت مثلا قبل عودة الأم المتعبة للعمل عقب نهار طويل متعب لتحظى براحة واستقرار عند الوصول إليها ويعكس هذا الفعل تقديرا حقيقيا لجهودها المضنية طيلة اليوم. إن القيام بواجبات بسيطة كهذه ستكون بمثابة علامة شكر صادقة لفصيلة بشرية كاملة قدمت الكثير لنوع جنسنا البشري جمعاء.