كان لشعراء الرسول -صلى الله عليه وسلم- دور بارز ومؤثر في نشر الدعوة الإسلامية ودعمها منذ بداياتها الأولى. هؤلاء الشعراء الذين برعوا في فن الإنشاد والشعر لم يكن هدفهم مجرد الترفيه والتعبير عن المشاعر الفردية فحسب، وإنما كانوا أدوات قوية لنشر التعاليم الجديدة والإجابة عن أسئلة الجاهلية حول الدين والمجتمع الأخلاقي الجديد.
أبرز هؤلاء الشعراء هو حسان بن ثابت الأنصاري، المعروف بشاعره الدائم للرسول والخليفة عمر بن الخطاب. كان لحسان تأثير كبير في التأليف بين قبائل العرب وتعزيز وحدة المسلمين خلال الفترات الصعبة. شعر حسان يعتبر جزءاً أساسياً من تاريخ الأدب العربي المبكر ويحتوي على تعليمات نبوية دينية وأخلاقية بشكل ضمني.
ومن بين الشعراء البارزين أيضاً كعب بن مالك الذي كتب العديد من القصائد التي تدين الوثنية وتدعو إلى عبادة واحدة خالصة لله عز وجل. قصائده كانت وسيلة فعالة لإيصال رسالة العقيدة الإسلامية المتجددة إلى المجتمع المحلي والجيران القبليون.
كما لعب الشاعر عبد الله بن رواحة دوراً رئيسياً في دعم الدعوة عبر شعره. اشتهر بحكمة عباراته وشجاعة مواقفه ضد خصوم الإسلام. قدّم ابن رواحة صورة غنية ومتنوعة للمسلمين الأوائل وعرض حياتهم اليومية بتفاصيل دقيقة وملهمة.
وفي مجالات أخرى، ظهرت شخصيات مثل حاطب بن بلعاء الذي عُرف برومانسية أشعار الحب تجاه زوجته بعد وفاته، مما منح الفرصة للتحدث عن الروحانية والعلاقة بين العالم الأعلى والأدنى لدى المؤمنين.
هذه الشخصيات الغنية تشكل نقطة انطلاق مهمة لفهم العصر الراشدي وما أعقب ذلك من تطورات ثقافية واجتماعية عميقة أثرت الحضارة الإنسانية لقرون عديدة قادمة.