يتمتع كتاب الله العزيز بالعديد من الآيات التي تحمل بين طياتها مظاهر للإعجاز العلمي المتقدم، وهو ما يزيد من مكانته كمرجع مقدس ودليل حاسم على وحيه الإلهي. إن هذه العلامات ليست مجرد مصادفات لغوية بل هي شهادات دامغة تشهد بصحة رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وتشكل تحدياً لكل باحث يتصفح آيات الوحي الأخير.
من أهم الأمثلة على ذلك حديث القرآن الكريم عن خلق الإنسان وتركيب جسمه الدقيق. يشير سورة المؤمنون إلى كيفية تكوين الجنين داخل الرحم بدقة غير مسبوقة حتى قبل ظهور تقنيات التصوير الطبقي المحوسب الحديثة. يقول تعالى: "وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنا المُضْغَةَ عِظٰاماً فَكَسَوْنَا الْعِظٰامَ لَحْمًا". توضح هذه الآيات مراحل نمو الجنين بشكل دقيق للغاية، مما يؤكد الحكمة والقدرة الربانية.
وفي مجال الفضاء والكواكب، يكشف القرآن أيضًا حقائق مذهلة تعكس معرفة إلهية عميقة. تؤكد سورة الصافات على كون الأرض ثابتة وغير متحركة فيما يدور حولها الشمس والكواكب الأخرى، وهذا ما أكدته الاكتشافات الفلكية الأخيرة والتي كانت غائبة تمامًا خلال عصر نزول الوحي. كما ذكر الكتاب المقدس للأمة الإسلامية بأن البحر يحتوي على أنهار متفرعة، وهي معلومات لم يكن بوسع أحد اكتشافها إلا باستخدام أدوات الرصد الحديث.
بالإضافة لذلك، تناولت النصوص القرانية عدة مواضيع تتعلق بالطبيعة البشرية والعقل البشري مثل دور التفكر والتأمل في الوصول للحقيقة والمعرفة ("فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون") مع التأكيد أيضاً على وجود حياة بعد الحياة الدنيا وعلاقة الروح بجسد الإنسان ("والروح والجسد"). كل تلك المواضيع قد عاد العلماء مؤخرًا لتأكيد جوانب منها بناءً على بحثهم العلمي المستمر.
إن هذا الكم الغزير من الحقائق العلمية المنصوص عليها منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام دليل واضح على صدقية الرسالة المحمدية وعلى أنها جاءت بتوجيه مباشر من الخالق عز وجل. يعكس القرآن بذلك عبقرية الزمان والمكان ويتحدى العقول لبذل مزيد من البحث والاستقصاء لفهم عجائب هذا العالم المجيد الذي خلقه رب العباد.