سيدنا موسى بن عمران -عليه السلام- شخصية بارزة وملهمة في التاريخ الإسلامي، وقد حظيت حياته ومسيرته الدينية بدراسات مفصلة وتفحص عميق لما تميزت به من تضحيات ونبل وشجاعة روحية. يبرز هذا المقال سلسلة من صفاته البارزة التي جعلت منه رمزاً للأخلاق الرفيعة والقيم الإنسانية السامية.
كان سيدنا موسى رجلاً مؤمنًا عظيم الإيمان بالله عز وجل، إذ لم يكن إيمانه مجرد اعتقاد عقلي بل انعكس ذلك في كل جوانب حياته. لقد غرست فيه تجربة مراوغته لفرعون الطاغوت وإيمانه الراسخ بأن الله هو المدبر الحقيقي للكون، مما جعله ثابتًا غير متزعزع أمام تحديات قاسية. وكان لذلك دور كبير في قدرته على حمل رسالة الأنبياء والتحدي بلا خوف ولا ريبة.
ومن أهم سمات شخصيته أيضًا شجاعته الفذة. ففي مواجهة خطر فرعون وظلمه وجهارة عبيده، حافظ سيدنا موسى على هدوئه وبسالته، ولم يستجب للإغراءات أو الضغط النفسي. كما أنه لم يخشَ رد فعل المصريين وأبناء إسرائيل عندما جاء يدعو إلى عبادة الواحد الحق، بل واجه بكل ثبات وحزم مصداقية الرسالة الإلهية.
كما اشتهر سيدنا موسى بالعطف والكرم تجاه الآخرين، خاصة بين بني إسرائيل الذين كانوا يعانون من الظلم الكثير تحت حكم فرعون. فقد حرص دائمًا على دعم المستضعفين والوقوف مع المضطهدين، وهو ما ظهر واضحا حينما أبقى على حياة أخيه هارون معه رغم اختلاف طبائع الشخصيات وكيف أنها قد تؤدي أحيانًا إلى تنافرٍ داخل المجتمعات الصغيرة مثل تلك التي كانت تخوض رحلة الخروج من مصر.
بالإضافة لذلك، كان لديه القدرة على التحمل والصبر الشديد عند مواجهته لتحديات كبيرة كالتأخر في نزول الوحي أو طول فترة انتظار وعد الله لهم بمصر والخروج منها بعد سنوات عديدة قضاها ضمن محنة الفرعونية المتفاقمة يوميًا بسبب إصرار الملك الجبار على طغيانه واستعباده لشعب إسرائيل الأعزل آنذاك.
وفي نهاية المطاف فإن صفات سيدنا موسى تشكل درساً هاماً لكل زمان ومكان حول قوة الايمان والثقة بالنفس والشجاعة والعطف والتحمل؛ فالقدوة الحقيقية هي التي تتجلى في تنفيذ تعاليم الدين بتوازن ودقة مهما بلغ حجم المصائب وصغر المساحة المعيشية نسبياً مقارنة بحجم العالم الخارجي واسعه حدوده ومعقده أموره السياسية والدينية بشكل خاص . إن هذه الصفائح المنيرة للملك النبي نبينا موسى عليه وعلى جميع الانبياء والمرسلين أجمعين افضل الصلاة واتم التسليم!