تأثير الألعاب الإلكترونية على الصحة النفسية للناشئة: دراسة نقدية

في العصر الرقمي الحديث، أصبحت الألعاب الإلكترونية جزءًا لا يتجزأ من حياة العديد من الشباب حول العالم. هذه الظاهرة ليست مجرد ترفيه بل هي ظاهرة لها تداع

  • صاحب المنشور: أفنان التونسي

    ملخص النقاش:
    في العصر الرقمي الحديث، أصبحت الألعاب الإلكترونية جزءًا لا يتجزأ من حياة العديد من الشباب حول العالم. هذه الظاهرة ليست مجرد ترفيه بل هي ظاهرة لها تداعياتها الاجتماعية والصحية الواضحة، خاصة عندما يتعلق الأمر بصحة نفسية الناشئة. هذا المقال يستكشف الدور الذي تلعب فيه الألعاب الإلكترونية في تشكيل الصحة النفسية للجيل الجديد، ويحلل الآثار الإيجابية والسلبية لهذه الصلة الوثيقة بين الترفيه والتطور النفسي للشباب.

من جهة، يمكن للألعاب الإلكترونية أن تكون أدوات فعالة لتعزيز بعض الجوانب الصحية النفسية لدى الشبان. تُعد التفاعلات الاجتماعية داخل اللعبة مجالاً هاماً حيث تتاح الفرصة للمشاركة والتواصل مع الأشخاص الذين يشاركونهم اهتمامات مشابهة، مما يعزز الشعور بالانتماء وبناء العلاقات الاجتماعية. كما يمكن أن توفر الأنشطة التنافسية المتاحة عبر الإنترنت حافزاً لتحقيق الذات والإنجاز الشخصي. بالإضافة إلى ذلك، قد تساهم ألعاب الفيديو ذات المحتوى التعليمي والثقافي في توسيع المعارف والمعرفة العامة لدى اللاعبين الصغار.

ومع ذلك، هناك جوانب مظلمة لهذا الاتصال الروتيني بالألعاب الإلكترونية التي تستحق الاستقصاء والحذر. أحد المخاوف الرئيسية هو إدمان الألعاب، الذي يمكن أن يقود إلى عزلة اجتماعية، انخفاض مستوى التحصيل الأكاديمي، وتراجع في الصحة البدنية نتيجة قضاء ساعات طويلة أمام الشاشات. الدراسات الحديثة كشفت عما يعرف باسم "متلازمة الحدّاق"، وهي حالة نفسية مزمنة مرتبطة بإفراط استخدام الحاسوب وأجهزة الألعاب المخصصة لذلك الغرض. الأعراض تشمل فقدان الشهية، اضطراب النوم، ومشاكل أخرى تعاني منها تلك الفئة العمرية الحساسة خلال مراحل حياتهم الأولى.

كما تؤثر طبيعة محتوى الكثير من الألعاب الإلكترونية بشكل سلبي على الاحتياطات الأخلاقية والقيم الإسلامية الخاصة بالمجتمع المسلم. الكثير من قصص والأحداث الموجودة ضمن عالم اللعبة غالباً ما تتجاوز حدود اللياقة الأدبية وتمس القيم الأساسية للمجتمع الإسلامي بطرق غير مناسبة للأطفال والمراهقين المسلمين تحديداً. حتى وإن كانت لعبة محددة غير مشبوهة أخلاقياً، فإن التعامل المستمر مع بيئات افتراضية تحمل عناصر جنسية أوعنيفة قد يؤدي لتغيرات سلوكية مقلقة عند الأطفال والشباب.

وفي ختام هذا البحث المؤقت، يبدو واضحاً ضرورة وجود توازن مدروس فيما يتعلق بحياة شبابنا وعلاقتهم بالوسائل التقنية المختلفة، بما فيها الألعاب الإلكترونية تحديدا. ينبغي وضع سياسات تربوية وتعليمية تسمح لهم باستثمار الوقت والجهد نحو تطوير تجارب لعب صحية وغنية بالتجارب المعرفية والعاطفية المفيدة. وفي السياق ذاته، يلزم تقوية دور الأسرة في مراقبة نوعية وقيمة المواد المقدمة لأولادهم عبر الشبكة العنكبوتية وكذلك توجيههم للحفاظعلى نمط حياة متوازن يحترم الدين والأخلاقيات المجتمعية المحلية والدينية أيضاً. إن الجمع بين فوائد مثل التواصل الاجتماعي والتحفيز الذهني مع تخفيف آثار السلبيات كالآثار الغذائية والنفسية سيضمن مستقبلاً أفضل لأجيال جديدة ترتبط بتكنولوجيا عصرها بشكل أكثر إنتاجية وصحة.


عبدالناصر البصري

16577 مدونة المشاركات

التعليقات