في رحلة الحياة التي نعيشها، نمر بمجموعة متنوعة من الأطوار والمراحل التي تشكل شخصيتنا وتحدد مسار حياتنا. يقدم الدين الإسلامي رؤية فريدة ومفصلة حول كيفية تكوين الجنين داخل الرحم وكيف ينمو ويتشكل بشكل تدريجي حتى الولادة. هذه العملية الروحية والعلمية تتوافق مع ما كشفت عنه الدراسات الحديثة في علم الأحياء والطب.
تبدأ مرحلة خلق الإنسان عندما يجتمع الوالدان في الزواج الشرعي الحلال، ثم يتم الإخصاب عند تلاقح الحيوان المنوي مع بويضة الأنثى لتكون خلية واحدة هي البداية الأم. بعد ذلك تبدأ مرحلة الانقسام المتكرر لهذه الخلية الواحدة إلى مجموعات متعددة تعرف باسم "الإنزرعات"، والتي تسير نحو قناة فالوب باتجاه الرحم. تستقر إحدى هذه الإنزرعات عادةً في بطانة الرحم مكوّنة الحمل المستقبلي.
بمجرد ترسُّخ هذا المستعمرة الجديدة، تنطلق عملية التكاثر الخلوي بوتيرة عالية جدًا مما يؤدي إلى ظهور الهيكل العظمي الأولي للجسم بالإضافة لبعض الأعضاء الداخلية مثل القلب والأوعية الدموية الرئيسية والجهاز العصبي المركزي وصولاً لأول علامة للحركة التي يشعر بها الأم والتي تسمى بحركة الغرس. بذلك يدخل الجنين مرحلة جديدة أكثر تعقيدًا وهي طور التشكل الخارجي والبنية.
مع مرور الوقت خلال الثلث الثاني من فترة الحمل تقريبًا، تبدأ المشيمة بالنضوج وتصبح قادرة على تقديم العناصر الغذائية الضرورية للمستقبل الصغير بينما يقوم نخاع العظام بتوفير كريات الدم الحمراء لحماية دمه حديث التشكيل. يستطيع الطفل الآن التعرف على أصوات والديه والتمييز بينهما وعلى الرغم من أنه فاقد للقدرة على الاستجابة إلا أنه قد بدأ بالاستماع والاستيعاب بعض الشيء. وفي النهاية يأتي دور الطور الأخير وهو اكتمال نمو جميع الأجهزة وأجزاء الجسم المختلفة استعدادا لإتمام مهمته الأولى وهى ولادته الى الدنيا .
إن نظرة القرآن الكريم والإسلام عمومًا تجاه هذه الظاهرة البيولوجية الرائعة تؤكد عجائب قدرة الله سبحانه وتعالى وسلطانه المطلق فوق مخلوقاته ومنها خلقه للإنسان منذ البدء وإلى يوم القيامة.