في يوم الوداع المحزن عندما فارق رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم الحياة الدنيا، كان البحث عن الشخص المناسب لحفر قبره مهمة حساسة تتطلب الدقة والتوقير العميق لشخصية عظيمة مثل نبي البشرية. اختار العباس عم النبي، بإرشاد رباني، اثنين من أبناء جلدته الراسخين في إيمانهما ليشاركوا في هذه المهمة المقدسة. ذهبت إحدى البعثتين بحثاً عن أبو عبيدة بن الجراح المعروف بحرفه في تحنيط الموتى، بينما توجّه الآخر نحو أبو طلحة زيد بن سهل الأنصاري، معروف بحرفته في بناء اللحد. جاء إليه أبو طلحة أولاً، فتوجه معه العباس لإكمال الوظيفة الشريفة.
اختلف أهل مكة والمدينة حول طريقة الدفن، لكن رأي أبو بكر الصديق تفوق حين ذكر قول النبي بأنه سيدفن حيث قضى ساعات أخيرة من حياته. لذا تم تحديد مكان بالقرب من فراش النبي تحت المسجد نفسه. قبل البدء بالحفر، تجهز الفقيد بكل احترام وحنان. تولى أربعة رجال كرام وغسيل الرأس والصدر له، وهم علي بن أبي طالب, عباس ابن عبد المطلب, واسامة بن زيد فضلاً عن ابني العم الفضل وقثم الذين انهمكوا بغسل باقي الجسم المبارك مع وجود شقران مولى النبي يشرف على العملية طهراً وتكريماً.
بعد الانتهاء منه وصلاة الجنازة التي شهدتها جموع المؤمنين بكل أدب واحترام، شارك مجموعة مختارة من المقربين للنبي تشمل علي بن أبي طالب, الفضل بن عباس, القثم بن عباس بالإضافة لعبد الرحمن بن عوف وبلال مؤذن الرسول الثمين في حمل تابوت النبي والدخول المشترك للقبر مقدماً هذا التشريف الإلهي لمن حكمتهم حب ونبل شخصياتهم المتألقة خلال حياة الرؤوف رحمه الله حتى مماته. ودروس التعلم المستقاة عبر تلك الوقائع التاريخية تعكس رفعة منزلة نبينا وإخلاص أتباعه واتباع نهجه الحق لاحقاً.