في أجواء الفرحة والسرور التي تحيط بنا بمناسبة عيد الفطر المبارك، يجدر بنا أن نتذكر أهمية التقرب إلى الله سبحانه وتعالى من خلال أداء العبادات والنوافل. ومن هذه الأعمال الصالحة التي يمكن أن نستغلها لتحقيق مزيد من البركة والخير هو القيام ليلة العيد. إنها فرصة للتقرب إلى الرب وتجديد الإيمان والروحانية التي تتطلبها قلوب المؤمنين.
قيام الليل عموماً، وخاصةً ليلة العيد، له العديد من الفضائل الثمينة في الإسلام. أولاً، يعتبر هذا العمل عبادة مستقلة ذات ثواب عظيم كما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل". فالقيام المنتظم ولو بسجدة واحدة أو ركعة قبل النوم وبعد الاستيقاظ يعكس استمرارية المحبة والإخلاص لله.
ثانياً، تشهد ليلة القدر -التي تنزل فيها الملائكة بالرحمة والمغفرة- نشاطاً خاصاً للعباد أثناء ساعات طويلة من الليل. وقد روي عن النبي أنه قال: "إنَّ مِنْ خَيْرِ أَعْمَالِكُمْ إقْدامُكُمْ عَلَى الصَّلاةِ وَإِحْسَانُكُمْ فِي ذَلِكَ"، مما يشجع المسلمين على زيادة أعمال الطاعة خلال ليالي الشهر الكريم بما فيه ليلة العيد.
وبالنظر إلى احتفال المسلمين بانطلاق شهر رمضان وانتهاءه بعيدي الفطر والأضحى، فإن قضاء تلك الليلتين بصلوات النوافل وطاعات أخرى يعد تكريماً لتلك المناسبات الدينية الهامة. إنه الوقت المثالي لإظهار الشكر والحمد لله على نهاية فترة مجاهدة النفس ومعافاة الجسم والروح.
علاوة على ذلك، تحتفي الأحاديث النبوية بتيسير باب الدعاء بين المغرب والعشاء وليلاً قبل الفجر. لذلك، تعدّ ليلة العيد موعداً مثالياً لاستغلال وقت الدعاء الغني بالإجابة. إن طلب المغفرة والبركات ليس فقط لشخصي ولكن أيضاً للعائلة والأصدقاء والمعارف يدفعنا نحو مجتمع أكثر تقديساً وإخاء. بالإضافة إلى أنها توفر لحظة للتأمل الذاتي واسترجاع القيم الإنسانية الحميدة التي تميز بها دين الاسلام.
ختاماً، سيؤدي الانشغال بحياة اليوم المتسارع وخوض متاهات وسائل التواصل الاجتماعي إلى فقدان الشعور بالقيمة الحقيقة للمثل الأعلى الأخروي لدى المسلم الحرص على الآخرة كالبحر اللامتناهي للأعمال الخيرية والفرائض المستحبة منها القيام في ليالي العيد وغيرها. دعونا إذن نعزز علاقتنا مع رب العالمين عبر فعل حسن كهذا ونبارك لأنفسنا بهذا الرزق النفسي الخالص منه.