يتساءل العديد حول عدد السور القرآنية التي نزلت أثناء فترة إقامة رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة. وفقاً لما ورد عن علماء الدين الإسلامي، هناك اتفاق عام أن ثمانٍ وعشرين (82) سورة قرآنية هي من النوع المكي، وهي تلك التي نزلت قبيل هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة. هذا الرأي يتوافق مع تصنيف السيوطي لهذه السور.
هذه السور الثمانون ذات الأصل المكي تشمل: الأنعام، الأعراف، يونس، هود، يوسف، إبراهيم، الحجر، النحل، الإسراء، الكهف، مريم، طه، الأنبياء، الحج، المؤمنون، الفرقان، الشعراء، النمل، القصص، العنكبوت، الروم، لقمان، السجدة، سبأ، فاطر، يس، الصافات، ص، الزمر، غافر، فصلت، الشورى، الزخرف، الدخان، الجاثية، الأحقاف، القاف، الذاريات، الطور، النجم، القمر、 الواقعة、 الملك、 القلم。
بينما يرى البعض أنه يوجد عشر عشرة سورة أخرى محل خلاف فيما يتعلق بنصبها بين المدني والمكي. لكن بشكل عام يمكن اعتبار هذه السور كجزء من التراث القرآني المكّي بناءً على الغلبة العامة لتوجيهها ونزولها في مكة.
ومن الجدير بالذكر الفوائد العديدة المرتبطة بتحديد طبيعة وتوقيت نزول هذه السور. فهو يساعدنا في فهم السياق الثقافي والديني للأحاديث النبوية ويعزز قدرتنا على دراسة تاريخ العقيدة الإسلامية وفقه القرآن. كما أنها تساهم في توضيح مسارات النصوص المتغيرة - الناسخ والمنسوخ- داخل كتاب الله العزيز.
توفر هذه المعرفة أيضًا فهماً عميقاً لأسلوب مخاطبة المشركين وردّهم بشكل متكرر في معظم السور المكية؛ وهو الأمر المتجلّي بوفرة استخدام عبارة "كلا". كذلك يمكن الاستشهاد بكثافة ذكر اسم الله تعالى بالألفاظ المختلفة المتضمنة لحرف الضاد ("قل") والتي تعد الأكثر شيوعاً ضمن آية واحدة مقارنة بسائر أحرف اللغة العربية الأخرى مما يعكس أهميته المحورية وسط المجتمع العربي القديم آنذاك.
بشكل عام ، يعدّ تعمقنا بفهم جوهر وانطباع البيئة التاريخية والنفسية للحالة التشريعية المبكرة للإسلام أمر حيوي لفهم واحتضان رسالة القرآن الكريم بروحانية أكثر دقة اليوم وغداً بإذن الله .