الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: فإن حكم صلاة قيام الليل بعد الوتر هو موضوع مهم في الفقه الإسلامي، وقد وردت أحكام واضحة في السنة النبوية بشأن هذا الأمر.
يُستحب للمسلم أن يجعل آخر صلاته بالليل وتراً، كما جاء في الحديث الصحيح: "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً" (متفق عليه). وهذا يعني أن الوتر يجب أن يكون آخر صلاة في الليل، ليكون ختاماً لها. ومع ذلك، فإن الأمر ليس بواجب، بل هو استحباب، كما يدل عليه الحديث الآخر: "صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة" (متفق عليه).
ومع ذلك، يجوز للمسلم أن يصلي بعد الوتر ما شاء من النوافل، سواء كان ذلك في نفس الليلة أو في ليالٍ أخرى. وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي ركعتين بعد الوتر جالساً، كما روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: "كان يصلي ثلاث عشرة ركعة يصلي ثمان ركعات ثم يوتر، ثم يصلي ركعتين وهو جالس" (رواه البخاري ومسلم).
ومع ذلك، فإن الأفضل والأولى أن يختم المسلم صلاته بالوتر، ليكون ختاماً لها. أما من صلى بعد وتره فلا حرج عليه، لأن الأمر في هذا واسع إن شاء الله.
ومن المهم أن نلاحظ أن الوتر هو صلاة مستقلة عن قيام الليل، ويمكن أن يكون جزءاً منه. فإذا أوتر المسلم أول الليل ثم نام ثم قام وصلى مرة أخرى، فهذه صلاة جديدة وليست استمراراً للصلاة الأولى. وبالتالي، لا يجوز أن يوتر مرتين في ليلة واحدة، كما ورد في الحديث: "لا وتران في ليلة" (رواه الترمذي).
وفي الختام، فإن حكم صلاة قيام الليل بعد الوتر هو حكم واسع، ويجوز للمسلم أن يصلي ما شاء من النوافل بعد الوتر، مع مراعاة الأفضل والأولى وهو أن يختم صلاته بالوتر.