يمتلئ القرآن الكريم بالعديد من الروايات الرائعة التي تحمل بين طياتها دروساً هامة ومعاني عميقة للإنسانية والأخلاق. هذه القصص ليست مجرد سرد للأحداث التاريخية فحسب، بل هي مرآة تعكس القيم الأخلاقية العليا وتنير الطريق للحياة الصالحة. هنا سنستعرض بعضًا منها:
- قصة سيدنا يوسف عليه السلام: واحدة من أكثر القصص شهرة وجاذبية في الكتاب المقدس الإسلامي. تبدأ القصة مع حب أبيه يعقوب له، مما يثير غيرة أشقاءه الذين يلقيونه في البئر ليقتلوا روح الأب المحبة لهم جميعًا. لكن تدبير الله كان آخر الكلام، حيث ينجو يوسف ويصبح مصطفى لدى فرعون مصر، فقط ليعيش لاحقًا تجربة التعرف على ذاته عبر مواجهة الشدائد والصبر والثبات أمام الفتنة.
- قصة النبي موسى عليه السلام: نجد فيها درسًا قويًا حول الثقة والإيمان المطلق بالقضاء والقدر. عندما أمرته زوجته بتغيير ملابسه عند رؤية النار المتقدة بدون دخان والتي كانت مظهرًا لحضور رباني، اتبع موسى التعليمات بلا تفكير مرتين فيما قد يحدث. وهكذا رأينا كيف استقبله الله مباشرة بعد ذلك وعلمه أسماء الأشياء الحقيقية وأودعه الرسالة الربانية.
- قصة النملة والبوم: رغم بساطتها الظاهرة إلا أنها تحمل رسالة مهمة للغاية بشأن الاستماع والتعلم من الآخرين بغض النظر عن مستوى قدراتهم الطبيعية. فقد سمعت نملة صغيرة كلمات البوم وهو يحذرها من خطر يقترب قبل أن يستطيع فهمه نفسه! هذا يدل لنا كم يمكن للمرء اكتساب الفائدة حتى ممن هم أصغر منهم مكانةً بشريةً ولكن بإمكانيات خارقة توفرها رحمة الخالق وتوفيقه لعباده المؤمنين حق المؤمنين.
كل تلك الأمثلة وغيرها الكثير تشهد بأن القرآن ليس مكتوباً بشكل عشوائي ولكنه عمل مدروس ومخطط منهجيًا لإرشاد البشر إلى طريق الهداية والنور الدائم. إنها تسرد تباعًا تاريخ الإنسانية منذ بدء خلق آدم وحتى يوم القيامة وما بينهما من أحداث عظيمة مؤثرة لكل قلب حي قادر على الانتباه والاستيعاب والتفاعل بما هو متاح أمامه من وسائل إيصال المعرفة الإلهية.