الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون. أما بعد، فإن أول من حيا النبي محمد صلى الله عليه وسلم بتحية الإسلام هو أبو ذر الغفاري، واسمه جندب بن جنادة رضي الله عنه. وقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما قصة إسلامه بطولها، حيث قال أبو ذر: "فكنت أول من حياه بتحية الإسلام".
وقد جاء في رواية أخرى عند البخاري من حديث ابن عباس ﵄ أنه قال: "يا معشر قريش، إنِّي أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله". ولكن عندما حيا النبي صلى الله عليه وسلم بتحية الإسلام، كان ذلك على يد أبي ذر الغفاري.
وفي رواية أخرى عند مسلم من طريق عبد الله بن الصامت عن أبي ذر ﵄، فذكر قصة إسلامه بصفة أخرى، وفي حديثه: "فانطلق أخي فأتى مكة ثم قال لي: أتيت مكة فرأيت رجلاً يسمِّيه الناس الصابىء هو أشبه الناس بك. قال: فأتيت مكة فرأيت رجلاً يسمِّيه، فقلت؛ أين الصابىء؟ فرفع صوته عليَّ فقال: صابىء، صابىء فرماني الناس حتى كأني نُصُبٌ أحمر، فاختبأت بين الكعبة وأستارها، ولبثت فيها بين خمس عشرة من يوم وليلة، وما لي طعام ولا شراب إلا ماء زمزم. قال: ولقينا رسول الله ﷺ وأبو بكر ﵁ وقد دخلا المسجد، فوالله إِنِّي لأول الناس حيَّاه بتحية الإِسلام، فقلت: السلام عليك يا رسول الله. فقال: «وعليك السلام ورحمة الله، من أنت؟» فقلت: رجل من بني غِفار. فقال صاحبه: إئذن لي يا رسول الله في ضيافته الليلة، فانطلق بي إلى دار في أسفل مكة فقبض لي قَبَضات من زبيب. قال: فقدمت على أخي فأخبرته أني أسلمت. قال: فإني على دينك، فانطلقنا إلى أمِّنا؛ فقالت: إني على دينكما. قال: وأتيت قومي فدعوتهم فتبعني بعضهم."
وهكذا نرى أن أبو ذر الغفاري كان أول من حيا النبي محمد صلى الله عليه وسلم بتحية الإسلام، وهي تحية آدم عليه السلام وتحية ذريته. وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك في حديثه مع عمير لما دنا منه وقال: "أنعموا صباحا وهي تحية أهل الجاهلية". فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قد أكرمنا الله عن تحيتك، فجعل تحيتنا تحية أهل الجنة وهي السلام".
والله أعلم بالصواب.