في سلسلة الأحاديث الشريفة التي نتلمس من خلالها تعاليم الإسلام الحانية حول عمل القلب الصالح، تأتي صدقة السر لتكون واحدة من أكثر الأعمال دلالاتً وتقديرا لدى رب العالمين. إن هذه الفضيلة ليست مجرد فعل بسيط، بل هي انعكاس عميق للإيمان والاستقامة، وهي تحمل العديد من الفوائد والأثر الكبير في حياة المسلم. وفي هذا السياق، يستعرض لنا النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم عبر عدة أحاديث ثمار ومنافع إخفاء الصدقة وما لها من تأثير مباشر وغير مباشر على المؤمن نفسه وعلى المجتمع ككل.
روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "(سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ، يَومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ؛ وذكر منها: ورَجُلٌ تَصَدَّقَ، أخْفَى حتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ ما تُنْفِقَ يَمِينُهُ)" [1]. وهذا الحديث يعكس أهمية الصدقة الخفية والتي تختفي أمام ناظر عيون البشر لكنها تبقى مشرفة أمام عين الرب جل وعلا. إنها تمثل تصرفاً صادراً من قلب صادق ومتبع لأوامر الدين دون انتظار الثناء أو المدح من الآخرين.
كما يشهد أحداث آخر لرسول الإسلام بأن "(ما مِن يَومٍ يُصْبِحُ العِبادُ فِيهِ، إلَّا مَلَكانِ يَنْزِلانِ، فيَقولُ أحَدُهُما: اللَّهُمَّ أعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، ويقولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا)"[2] . بهذا البيان ندرك مدى اهتمام الله سبحانه بحفظ وصيانة أملاك عباده الذين ينفقون ويتصدقون. الأمر ليس فقط قبول تلك الأموال ولكن أيضاً توسيع رزقه وحفظه لهم مستقبلاً حسب الوعد الإلهي.
وعليه فإن للتوازن بين الإنفاق والحفاظ على المال احترام خاص وفق التعاليم الدينية الإسلامية. فاليد العليا المنفقة خيرٌ من اليد السفلى السائلة نظرا لما تتضمنه الأولى من طاعة لله عز وجل بينما تحتوي الثانية غالب الظن على استجداء متواصل قد يؤدي إلى الاعتماد الزائد على الغير بدلا من الاعتماد على ذات الشخص والإدارة المناسبة للأموال بطرق شرعية حلال. يقول عبدالله بن عمر رضوان الله عنهما:"(أنَّ رَسولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- قالَ وهو علَى المِنْبَرِ، وذَكَرَ الصَّدَقَةَ، والتَّعَفُّفَ، والمَسْأَلَةَ: اليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى، فَاليَدُ العُلْيَا: هي المُنْفِقَةُ، والسُّفْلى: هي السَّائِلَةُ)"[3].
تأثير صدقة السر ممتد لتشمل جوانب أخرى كثيرة تتعلق بالمسلمين جميعهم سواء كانوا متبرعين أو المستحقين لعطاء ذلك العمل الخيري الصادق. أول هذه الآثار هو زيادة الراحة النفسية والثبات الداخلي للشخص القائم بتلك الصدقة مما يساهم بشكل كبير في تحقيق السلام الروحي والقرب الروحي المتزايد من الواحد الاحد. بالإضافة لذلك فهو يساعد أيضا في تقليل الميل للسعي خلف سمعة اجتماعية زائفة والذي يعد مرض خطير بالإسلام إذ يمكن اعتبار الرغبة بالحصول على مديح غير مستحق نوعا من أنواع الرياء المحرم.
ومن وجه نظر مختلفة تمام الاختلاف هناك نتيجة ملحوظة ترتبت بسبب عدم الكشف عن هويته لمن قام بإجراء عملية الصدقة، فتمنع الشعور بالنقص والعجز لدي المستحق وذلك لأن إعطائه بدون علمه مصدر المعونة سيحميه من احراجه وضغط المواقف الاجتماعية الصعبة المصاحبة لإظهار حاجته للعون الخارجي بشدة في بعض المناطق الثقافية الجغرافية المختلفة لكل مجتمع مسلم على حده. بالتالي فان مثل هذه التصرفات تسعى لتحقيق توازن اجتماعي ونفساني داخل المجتمع الاسلامي بأسره ضمن حدود الأخلاقيات والدين المقيدة له منذ البداية حتى النهاية.
بالتأكيد تعد الصدقات عامة بما فيها الأنواع المخفيه منها باب فتح واسعا لدخول الجنة والنعم الأخرى المرتبطة بها كالنجاة من عقاب النار مثلاً فيما بعد الحياة الدنيا وكذلك دعوة مباشرة للاستمتاع براحة البال أثناء فترة وجود المرء تحت سقف دار الحياة القصيرة العمريه نسبيا بالمقارنة بالأبديتها الابدية الروحية القادمة بلا شك وبقية مصائر كل شخص بناء علي اعماله اليوميه المختلفة طبقا لقاعدة الجزاء مقابل الاجر الاجرام الشهيره دينيا واجتماعيا ايضا. ومعنى آخر لهذه النظرية الدينية الرائعة يتميز بالقيمة الاقتصادية العملية كذلك حين تدخل المزيد المزيد