كان لسيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم تأثير عميق في تشكيل الأساليب القيادية التي تؤثر بصورة مباشرة على نجاح وتماسك المجتمع المسلم. لقد اعتمد نبي الرحمة في قيادته على تعاليم القرآن الكريم والسنة المطهرة، مما جعل منه نموذجاً يحتذى به في مجال القيادة الإنسانية.
كان رحمة وليناً وحكيماً في التعامل مع جميع طبقات المجتمع، مستلهمًا قوله تعالى: "ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ" [النحل:125]. هذه الآية تحدد النهج الواجب اتباعه عند دعوة الآخرين نحو الطريق الحق، وهو طريق الحق والخير والصلاح.
لقد امتلك النبي صلى الله عليه وسلم مجموعة فريدة ومؤثرة من الصفات القيادية التي ساعدته على تحقيق نتائج مذهلة خلال فترة قصيرة نسبياً. فقد عرف قبل بعثته بالصدق والإخلاص، الأمر الذي منح له مكانة خاصة لدى قومه. كما برزت شجاعته الغامرة عندما واجه خصومه بشجاعة ملحمية، مما دفع العديد منهم للاعتراف بمكانتها العالية. وكان حازماً بلا هوادة فيما يتعلق بدينه ونشر رسالة الاسلام، رافضا كل المغريات والمزايدات من قبله.
من أهم سماته الرائعة كقائد هي تواضعه الشديد والتزامه الشخصي بالمشاركة الفعلية لأتباعه. ففي أحداث شهيرة مثل حفر خندق المدينة وبناء مسجدها الكبير، لم يكن غائباً بل شارك بنفسه بتحفزه ودعمه لأتباعه. هذا النوع من المشاركة المتكاملة عزز الروابط الاجتماعية والثقة المتبادلة داخل مجتمع الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.
وفيما يتعلق بطريقة الدعوة للإسلام، اختار رسول الله خير الطرق لتحقيق هدفه المنشود. بدأ بمعرفة الأفراد الذين يتميزون بحسن التصرف والعفاف والكمال الأخلاقي، مثل خديجة بنت خويلد وزوجته وابنه علي ومعاونيه أبي بكر الصديق. وبعد ذلك توسع نطاق انتشار الدعوة لتصل الجماهير عبر خطبه المفيدة وشرائعه المعتدلة. ولم يفتحه استخدام الوسائل العملية كارسال الرسل والكتاب لنشر رسالات السلام والحوار البديل بين المختلفين دينياً كالذي حدث مع هرقل ملك الرومان وقيسر ملك الفرس آنذاك.
أفضى الجمع الدقيق لهذه الأدوات والاستراتيجيات الإرشادية للنبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى إنشاء مجتمع مسلم متماسك ومترابط ومتسامح تجاه الجميع بشكل عام وعلى وجه الخصوص الأشخاص الخارجيين الذين مازلو محتفظين بشرطقتهم الخاصة بهم ولكن أصبح بإمكانهم أيضاً تعلم بعض العبر والقيم المستخلصة من ثقافة أهل القرأن الجديدة الموافق عليها عالمياً والتي تبنت مبدأ تسامح كبير وقبول الاختلاف وخلق بيئة مستقرة قائمة على أساس حسن التفاهم وانعدام التحيز ضد البعض لصالح الاخر.