على مرِّ الزمن، ظلَّ صلح الحديبية وفتح مكة رمزين بارزين في مسيرة الإسلام، يحملان بين ثناياهما درسا عميقة يمكن استقاء الفوائد منها واستنباط الدروس المستحدثة التي تضيء طريق المسلم نحو النجاح والفلاح. وفي هذا السياق، يسعى هذا البحث إلى تسليط الضوء على أهم الدروس والعبر المكتسبة من هذين الحدثين الجليلين، متوقفا عند تجلياتها ودلالاتها المتعددة.
بدايةً، يُبرز صلح الحديبية أهمية التشاور والتشاور مجتمعياً، إذ تُظهِر قصة اتفاقية الحديبية حرص نبينا الكريم محمد -صلوات الله عليه وعلى آله- على أخذ رأي زوجاته وشورتهم معه قبل توقيع الاتفاقية. كما تؤكد هذه المناسبة عظيمة المفاهيم مكانة المرأة واحترام دورها الفعال والحكيم داخل المجتمع المسلم. إضافة لذلك، يكشف سانح التحالف عن ضرورة القدوة العملية لقادة الأمّة، فالنفس المؤمنة تستقر وتمتلئ إيماناً عندما تراعي قائد مثاليتها الشخصية وأفعاله تتوافق مع تعاليمه ومعتقداته. ويؤكد البيان أيضًا حقائق أساسية مثل وجوب الطاعة لولي الأمر مهما كانت الظروف، بالإضافة إلى توثيق وفاء الشعب للنبي الأعظم وكيف أنه واجب مقدس لكل مؤمن محب لدينه ونبيه. ولا تغفل المعادلة جمال التعامل بحذر واتباع النهج المنطقـي أثناء مواجهة الاختبارات والصعوبات، معتبرةً أن الخيار الأنسب دائمًا يتمثل بما قسمه رب العالمين وخطة الحياة المقدسة له. ثم يشير الخطاب بصراحة لتوضيح محورية احترام قوانين الدين والأخلاق الاجتماعية فوق المصالح الذاتية والقومية ضيقة الرؤية والتي تصبح بلا جدوى مقابل انتهاكات الشرعية الربانية. وبالتالي فإن التواصل والإعلام المرئي يلعب دوراً محورياً أثناء عمليات تبادل الأفكار بشكل فعَّال ضمن إطار دعوي هاديء ومتوازن.
وفي المقابل، يجسد فتح مكة مجموعة أخرى من الروائع التربوية الإنسانية والأخلاقية الثمينة. فنرى كيف أكدت المرحلة ضرورة مراعاة المواقف الباسلة وقت مرونة القرارات الحاسمة أمام الاستحقاقات الملزمة بالحسم بدون تسويف مما يؤذن برضا الحق سبحانه وتعالى. وينضم إليها تطابق الله عز وجل للالتزام الموصول بالعقود والمعاهدات والثبات عليها بغض النظرعن ظروف الخارج المحيط بها وهذا ما ظهر بجلاء عبر مساندة رسول الرحمة لأصدقائه وأحبابه لتحقيق العدالة ضد خصومه الذين انتهكوا عهدهم. ويتضح بوضوح نموذجي الفترات ذات الراحة والاستقرار عقب الليالي السوداوية والكروب المؤقتة، وهي رسائل تحمل البشرى بمقاومة مصائر الدنيا وإمكانيات تغيير الأحوال للأفضل تحت مظاهر قوة اليأس والفشل . وفي نفس الوقت تعتمد العقيدة الاسلامية الواحدة الاعتقاد العملي بأن مصدر الانتصار والنصر النهائي ينبع مباشرة من رضوان الرحمن ، بالتالي فإن التقبل الكامل لهذه الحقيقة أمر مطلوب بشدة بهدف الوصول للاستقامة القلبية والفكرية المثلى. ثم تأتي فضائل المغفرة والتسامح المنتشرة كالسحر في حياة المهتدين المؤمنين منذ بداية الاجيال الأولى للإسلام وكأنها جزء أصيل منهم حيث تميز نهج سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم باستخدام سياسة حسن التعاطي وفق قاعدة "النيةالصافية"في إدارة زمام الأمور العامة والخاصة للعلاقات السياسية الدولية مثلا ، أما بالنسبة للتضحية بالنعم المالية الهائلة للحفاظ علي حفظ حقوق الآخرين فهو دليل واضح أيضاعلي قدر عظيم شخصية النبي الكريم وصبره وغمره بالقناعة الداخلية والرضا الداخلي رغم امتلاك الفرصة للاستفادة مادياً شخصيآ لصالحه الشخصي فقط وهو الامر المعدوم مضمونه لدي غيره ممن هم حول البيت الحرام آنذاك .وأخيراً توافر الأخلاق الحميدة كالنزاهة وانتشراح الصدر بممارسة الأعمال التجارية التجارية الصغيرة والخالية منالغش التجاري وغير ذلك يتجلأ دلائل واضحة على كيفية تأثير تلك الخصائص الحميدة في بناء سمعة نقدمه البسيطة ولكنه ذو وقع كبير خارج حدود البلدان العربية والدولة السعودية تحديداووامتداد ساحتها العالمي نظرا لاحتوائها علي أحد اهم مناطق الثقافات القديمة عالميا .
ومن جانبه يقترح الفقهاء والباحثون التدريب المتواصل علي دراسة حياة وتاريخ النبي صلوات الله عليه وعلى آل بيت النبوة فهم يعتبرونه المرجع الاول والأمثل لفهم النفس الانسان والشخصيت البشرية بكافة طبقاتها وطرق تفكير أفرادها المختلفة وذلك بسبب اعتماده رحمة واسعة المدى وصلابته المقنعة أمام الصعاب القهرية فتكون بذلك سنة مداومة التفكر في كتابه العزيز وتعلم القرآن أدوات أساسية لاتقان العمل بهذا الطريق العلمي الخاصcontinews with the paragraph...