- صاحب المنشور: الهيتمي الجنابي
ملخص النقاش:
لقد غيرت الثورة الرقمية حياتنا بطرق عديدة ومذهلة، ولكن هل لها جانب سلبي؟ كيف أثرت التكنولوجيا الحديثة على صحتنا العقلية والنفسية؟ هذا الموضوع يتناول العديد من الجوانب الهامة التي تتعلق بكيفية تفاعل البشر مع العالم الإلكتروني وكيف يمكن لهذه الفعالية تأثر سلبًا أو ايجابيًا على الحالة الذهنية للإنسان.
التعمق الأول يركز على "الإجهاد الرقمي". يشعر الكثير من الناس بالإرهاق والضغط النفسي بسبب الحاجة المستمرة لتلبية توقعات التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت. الرسائل غير المقروءة، الإشعارات المتكررة، والتوقعات الاجتماعية المرتبطة بالأخبار اللحظية كلها عوامل تساهم في خلق شعور دائم بالإلحاح والإجهاد. هذه الضغوط قد تؤدي إلى زيادة القلق والأرق وصعوبات النوم. كما وجدت الدراسات الحديثة أن استخدام الأجهزة اللوحية والهواتف المحمولة قبل النوم مباشرة يعيق عملية النوم الطبيعية ويقلل جودة الراحة الليلية.
من ناحية أخرى، يمكن للتكنولوجيا أن تكون أداة فعالة للراحة والاسترخاء. البرامج والمواقع التي تقدم تمارين التأمل والاسترخاء، مثل Headspace وCalm، أصبحت شائعة بشكل متزايد بين الأشخاص الذين يرغبون في تحسين صحتهم العقلية والعاطفية. بالإضافة لذلك، توفر الشبكات الاجتماعية طرقاً جديدة للتواصل الاجتماعي والدعم الذي كان يصعب الوصول إليه سابقا - مما يساعد الأفراد الذين يعيشون بعيدا عن عوائلهم وأصدقائهم الصريحين.
وعلى الرغم من فوائدها المحتملة، فإن الاستخدام الزائد للأدوات التقنية لديه القدرة أيضاً على عزلة الانسان اجتماعيًا وإضعاف المهارات الإنسانية الأساسية كالقدرة على التركيز واستيعاب المعلومات وفهم المشاعر الأخري. الأطفال والشباب اليوم هم أكثر عرضة لهذا النوع من التعرض المباشر للمعلومات الغزيرة والذي غالبا ما يتم تقديمه بطريقة مشوقة ومتسارعة، وهذا يؤدي إلى تقليل قدرتهم على فهم العمليات المعقدة والحفاظ على انتباه طويل المدى.
للحد من الآثار السلبية للتكنولوجيا على الصحّة النفسية، يقترح الخبراء مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات. تشمل هذه خفض الوقت اليومي المستخدم أمام الشاشات، وضع قواعد محددة لاستخدام الهواتف خلال فترة المساء وعند تناول الطعام، وتخصيص فترات زمنية للاستراحة الرقمية حيث يُطلب من جميع أفراد الأسرة ترك أجهزتهم جانباً لقضاء وقت هادئ بدون رقمنة.
في الختام، بينما تستمر تكنولوجيتنا بالنمو والتطور بسرعة كبيرة، يجب علينا كمسلمين أن نكون حذرين عند استخدامها وأن نحافظ دائما على توازن صحي فيما يتعلق بصحتنا الروحية والجسدية والعقلية أيضا. إن الإسلام يدعونا للحكمة في اختيار الوسيلة وأخذ الحيطة بشأن تأثير الأشياء المختلفة على روحانيّتنا وصفاتنا الشخصية وقيم مجتمعنا العام. وبالتالي ينبغي استعمال وسائل الاتصال بحذر ورؤية واضحة لأبعاد دنيوية وروحية أيضًا.