كتّاب الوحي في عهد عثمان: دورهم في جمع وتوحيد رسم المصحف الشريف

في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان ﵁، شهدت عملية جمع وتوحيد رسم المصحف الشريف تطوراً هاماً. حيث أدرك عثمان ﵁ أهمية توحيد رسم المصحف لمنع الاختلافات ف

في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان ﵁، شهدت عملية جمع وتوحيد رسم المصحف الشريف تطوراً هاماً. حيث أدرك عثمان ﵁ أهمية توحيد رسم المصحف لمنع الاختلافات في القراءة بين المسلمين، خاصة مع توسع الفتوحات الإسلامية ودخول غير العرب في الإسلام.

لذلك، أمر عثمان ﵁ بجمع المصاحف التي كانت موجودة لدى حفصة بنت عمر، زوجة النبي ﷺ، والتي كانت قد جمعتها بناءً على أمر أبي بكر الصديق ﵁. ثم شكل لجنة من كبار الصحابة، منهم زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، لنسخ مصحف واحد يعتمد عليه المسلمون في قراءتهم.

حدد عثمان ﵁ مع هذه اللجنة مجموعة من الضوابط التي يجب اتباعها في نسخ المصحف، منها:

  1. لا يكتب شيء إلا بعد التحقق من أنه قرآن.
  2. لا يكتب شيء إلا بعد العلم بأنه استقر في العرضة الأخيرة التي عرضها جبريل على النبي ﷺ.
  3. لا يكتب شيء إلا بعد التأكد أنه لم ينسخ.
  4. لا يكتب شيء إلا بعد عرضه على جمع من الصحابة.
  5. إذا اختلفوا في شيء من القرآن كتبوه بلغة قريش.
  6. يحافظ على القراءات المتواترة، ولا تكتب قراءة غير متواترة.
  7. اللفظ الذي لا تختلف فيه وجوه القراءات يرسم بصورة واحدة.

هذه الضوابط تضمن أن المصحف الذي تم نسخه هو عين القرآن الذي أنزل على النبي ﷺ، وأن رسمه توقيفي لا يجوز تغييره أو تبديله.

استمر خليفتا النبي ﷺ من بعده على العمل بنفس الرسم المصحفي الذي عليه الجمع الأول، مما يدل على أن الرسم المصحفي توقيفي ليس لأحد تغيره أو تبديله. كما أن تلقي أهل الأمصار المصاحف العثمانية بالرضا والقبول وعدم اعتراض أحد منهم على فعل عثمان ﵁، وفيهم جماهير مجمهرة من الصحابة والتابعين، كان إجماعًا على صحة المصاحف العثمانية وسلامتها وعدم جواز مخالفتها.

بهذا، أصبح رسم المصحف الشريف كما نسخه كُتّاب الوحي في عهد عثمان ﵁ هو المرجع الأساسي للمسلمين في قراءة القرآن الكريم، وهو ما استمر عليه المسلمون حتى يومنا هذا.


الفقيه أبو محمد

17997 مدونة المشاركات

التعليقات