يُعتبر عيد الأضحى أحد أهم المناسبات الدينية التي يحتفل بها المسلمون حول العالم، ويتضمن العيد العديد من الشعائر والأعمال المستحب القيام بها وفق الشريعة الإسلامية. وفي هذا السياق ينبغي التأكد من مدى مشروعية التهنئة بهذا العيد قبل قدومه فعلياً.
وفقاً للرأي العام بين الفقهاء المسلمين، يرى جمهور العلماء كالحنفية والمالكية والحنابلة أنه ليس هناك مانع شرعي من تبادل التهاني وتعبيرات الفرح بعيد الأضحى حتى وإن كان ذلك مقدمًا على موعد الاحتفال الرسمي للعيد. يدعم هذه النظرة حديث نبوي شريف رواه أبو داود وابن ماجه وغيرهما عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل شهر رمضان قال: 'اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت'. وإذا دخل ذو الحجة قال: 'اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت بك ربا وأنت إلهي'." يشير هذا الحديث إلى أن الرسول محمد ﷺ كان يستقبل الشهر الفضيل بالتهنئة والدعاء له، مما يؤكد المشروعية العامة للتعبيرعن فرحان بالعيد مقدماً.
ومع ذلك، يوجد رأي آخر يُشدد على ضرورة عدم تجاوز وقت معين قبل بدء أيام العيد عند تقديم التهاني. فقد ذكر ابن حجر في فتح الباري أن بعض الناس كانوا يحظرون التهنئة بالأعياد إلا بعد تأخيرها حتى اليوم الثاني منه احتياطاً مقابل ضمان تحقق شرط الانتفاع من المعايدة وعدم الوقوع في الإثم بسبب التسرع المبكر جداً بتقديم التهاني. ولكن يبقى القول الراجح هو كون التهنئة مباحة ومشروعة طالما كانت ضمن الحدود المنطقية والمعقولة التي تحترم جوهر وشروط الاحتفالات بالعيديْن المباركين.
إن التحفظ بشأن توقيت التهنئة يرجع أساساً لرغبة البعض بالحفاظ على الطابع الروحي والعقائدي للأعياد وتجنّب الانزلاق نحو عادات وسلوكيات غير مرغوب فيها مثل تضخيم مظاهر الترفيه والاستئناس بما يخالف مقاصد الشرع والدين الإسلامي الخالص. ولذلك فإن الاعتدال والوسطية هما الجادة الأنفع لحماية الأفراد والمجتمعات من المخاطر الناجمة عن الافراط والإفساد خلال تلك المناسبات العزيزة والتي تعد فرصة سانحة لإظهار الوحدة والتقارب بين المؤمنين.
وفي النهاية، يساهم فهم الحكم الصحيح لهذه القضية في مساعدة المسلمين لتعزيز إيمانهم وتمتين روابطهم الاجتماعية أثناء مشاركة الآخرين أفراحهم ومعاناتهم عبر السنوات المختلفة بطرق ترضي رب الأرض والسماء عز وجل ولا تخالف تعاليم الدين الحنيف.