في رحاب الآيات القرآنية المقدسة, يأتي سؤال عبّاد الله تعالى حول "الروح". هذه الإشارة إلى الجوهر الجوهري للحياة بكل تجلياتها - الإنسان, الحيوان والنبات. تتناول الآية الكريمة التي ذكرها السائل والتي هي جزء من سورة الإسراء، رقم 85 لتوضيح هذا المفهوم الرفيع. تقول الآية: "ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا."
هذه الآية تؤكد بشكل واضح على مكانة الروح ومعرفة الإنسان بها. إنها إبراز لقصور العقل الإنساني أمام حقائق الروح التي تعد أحد أسرار الخالق عز وجل. فالعلم بالإنسان حول الروح محدود جداً مقارنة بحقيقة وجودها وأصل كونها. إن الاعتراف بأن معرفتنا بالروح محدودة يدفعنا نحو اليقين والإيمان بالقضاء والقدر بإرادة الله.
من منظور ديني, يعتبر الفلاسفة والمفكرون الإسلاميون الروح كجزء ضروري من الذات البشرية غير قابلة للتجريد أو الانفصال عن الجسد خلال فترة حياتنا الدنيا. فهي تستمر حتى بعد الموت وتعود للقاء الرب يوم القيامة. كما يشير العديد من المفسرين المسلمين إلى أن مفهوم الروح هنا يمكن تفسيره أيضاً كتعبير مجازي للإيمان والقوة الداخلية للإنسان.
وفي نهاية المطاف, فإن فهم وتعظيم أهمية الروح ليس فقط مسألة علم وإنما أكثر منها إيماناً وثقة في حكم الله وهدايته لنا. كل ما يحدث من حوله هو نتيجة لأوامر وقدرة الخالق سبحانه وتعالى، بما فيها خلق الروح وإدارة شؤونها. لذلك، عندما نسأل عن الروح نقول أنها "من أمر ربى"، أي أنها ضمن سيادة ودائرة عناية الله الواسع القادر.