تعد الآية الكريمة التي وردت في سورة الشعراء (26:165) جزءاً هاماً من القرآن الكريم، وهي تحمل دلالات عميقة ومعاني متعددة عند التأمل فيها. وفي هذا السياق، سنقدم شرحاً مفصلًا لهذه الآية مع التركيز على معناها الروحي والتاريخي.
تأتي الآية ضمن قصة سيدنا لوط عليه السلام حيث يحذر قومه من عصيان الله تعالى ويحثهم على ترك الفاحشة الشائعة بينهم والتي كانت تعتبر شذوذاً مقيتا حتى ذلك الوقت. تنص الآية كالتالي: "أَتَأْتُونَ الذَّكَرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ". هنا، تشير كلمة "الأتؤن" إلى الإتيان المتواصل والفاحش للفعل المقيت وهو الزنا بالذكران، بينما يشير مصطلح "من العالمين" إلى النوع البشري بشكل عام وليس فقط أهل مدينة سدوم الشهيرة بذلك الفعل.
إن هذه الآية هي تعبير قوي عن رفض الإسلام القاطع لكل أشكال الانحراف الجنسي خارج نطاق العلاقات الزوجية الشرعية. فهي تحذر بشدة وتدين بشدة مثل هذا السلوك غير الأخلاقي غير الطبيعي وغير المستساغ دينياً وأخلاقياً. كما أنها تؤكد على أهمية الحفاظ على حقوق الإنسان وحرمته الجسدية والنفسية ضد أي اعتداء جنسي مهما كانت الظروف الاجتماعية والثقافية آنذائك.
ومن الناحية التاريخية، توضح الآية أيضاً طبيعة المجتمعات القديمة قبل انتشار رسالة الإسلام النقية والتي كانت تغرق في كثير من المنكرات والمعاصي بما فيها الشذوذ الجنسي مما أدى بها للهلاك والعذاب الإلهي كما حدث لسكان مدينتي سدوم وعمورة حسب الحديث القديم. وقد جاء التحذير القرآني لحماية البشرity وإبعادهم عن طرق الضلال تلك نحو طريق الحق والصواب والسداد.
وفي النهاية، تبقى آية "أتأتون الذكران من العالمين" دعوة واضحة لتبني حياة أخلاقية كريمة قائمة على التقوى والالتزام بتعاليم الدين الحنيف والبعد كل البعد عن الغرائز الحيوانية والدوافع الغريزية المحرمة شرعا وعرفا.