السحاب في آيات القرآن الكريم: دراسة توضيحية

لقد ورد ذكر السحاب في القرآن الكريم بصورة متكررة ومتنوعة، وتتجلى أهميته الدينية والفلسفية عبر تسعة مواضع مختلفة. يمكن تصنيف هذه الإشارات وفق الأغراض ا

لقد ورد ذكر السحاب في القرآن الكريم بصورة متكررة ومتنوعة، وتتجلى أهميته الدينية والفلسفية عبر تسعة مواضع مختلفة. يمكن تصنيف هذه الإشارات وفق الأغراض التالية:

  1. امتنان الله تعالى على الناس بنعمته بإرسال الأمطار: يعبر القران الكريم عن تقديره لنعمة المطر التي تنجم عن تجمع المياه في السحب ورسمها قبل هطولها على شكل أمطار: "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ" [البقرة: 22].
  1. إبراز قدرة الله تعالى وإنجازاته الطبيعية: يتمثل أحد عجائب خلق الله في تشكيل السحب الثقيلة، والتي تحمل كميات هائلة من الماء وبرد لكنها لا تغوص نحو الأرض دفعة واحدة، بل تهطل حسب الحاجة بطريقة منظمة ومحسوبة بدقة: "...يُنشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ..."[فصلت: 37] .
  1. الاستخدام التصويري لتوضيح حدث آخر عبر تشبيه الظاهرة بالسحاب: مثال ذلك تشبيه مرور الجبال أثناء يوم القيامة برحل السحب السريع كما جاء في قوله تعالى:"وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب"[النمل: 88 ].
  1. رد فعل المؤمنين تجاه علامات الرحمة مقابل نظرة الملحدين لها: بينما يدعو المسلمين ويتضرعون إلى رب العالمين طلبا للغيث والنماء، قد يفسر البعض غير المؤمنين ظهور السحب بأنها بداية للحالة المعتادة والمألوفة لهم فقط، تاركين معنى الخلق الأعظم خلف ظهرهم : "... وإن يروا كسفًا من السماء ساقطًا يقولوا سحاب مركوم...".
  1. احتساب نعمة السحب ضمن قائمة العديد من أعمال الله عز وجل المتصلة بجلال خلقه وحكمة تدبيره للمخلوقات كافة : "...إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار... وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض".[البقرة : 164].

بالإضافة لذلك، هناك دلائل أخرى تتعلق بمفهوم "السحاب": سبب تسميته بذلك بسبب حركة انتقاله المستمرة بخفة بواسطة الرياح، وقد ارتبط اسم "السحاب" أيضا باسم عمامة رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حمل منها من صفات بيضاء اللون تعكس نقائه وصفائه الروحي. أما بشأن حقيقة موقف فرد ذكي مثل الصحابي محمد صلى الله عليه وسلم حينما يرصد تلك الأحداث الطبيعية المرئية أمام عينيه ، فإن الأمريتضمن خشية واحترام عباده لجلال سلطان ملك قادر توكل عليه كل نفس مهما بلغ شأن صاحب الفضل فيها. ولعل أكثر ما يجسد روح الإنسانية والتواضع لدى الرسول الأكرم في لحظاته الخاصة أنه لم يغفل عن تقديم الشكر لله سبحانه وتعالى نقدا مستمرا لدعائهما واستعطافه بالأفق الواسع لغزارة عطايا الرب جل وعلى .ومن ثم فهو دعوة مفتوحة لاستلهام درسه الذاتي فيما يتصل بالإقبال على طاعة مولاه وفتح أبواب الرجاء والعيش وسط فضائل الحياة الدنيا المرتبط ارتباط وثيق بالعناية الالهية.


الفقيه أبو محمد

17997 Blog indlæg

Kommentarer