كان للإمام جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد المحلي مكانة بارزة ومرموقة في تاريخ العلوم الإسلامية والفقه الإسلامي. ولد في مدينة دمشق عام 791 هجريا (1389 ميلاديا) لعائلة معروفة بالعلم والأدب. منذ صغره, أثبت تفوقاً ملحوظاً في الدراسة وكان لديه شغف كبير بالقراءة والبحث العلمي.
تلقى تعليمه في العديد من مدارس المدينة وبدأ مبكراً بتلقي علوم الفقه والحديث والتفسير. برع أيضاً في الأدب والشعر حتى أصبح له ديwan شعري خاص يتضمن قصائد شعرية نثرية وغيرها. لكن شهرته الحقيقية جاءت من خلال دراسته المتعمقة للفقه وأصوله ومنهجيات الاستنباط الشرعي.
انتقل بعد ذلك إلى القاهرة ليكمل مسيرته التعليمية تحت إشراف كبار علماء تلك الفترة مثل ابن حجر العسقلاني والإمام البلاذري. ساهم إسهامات كبيرة في تطوير علم الأصول وتأليف كتب مهمة مثل "البرهان" و"المجموع". يعتبر هذا الأخير أحد أهم مؤلفاته التي جمع فيها بين آراء الفقهاء الأربعة بصورة منظمة ومختصرة مما جعله مرجع أساسي للمدرسين والمستفتيين.
بالإضافة لتخصصه الرئيسي, كان للإمام المحلي معرفة واسعة بمختلف العلوم الأخرى بما فيها الطب والكيمياء والحساب الفلكي. وقد ترجم عدة أعمال يونانية ورومانية إلى العربية متخصصة هذه المجالات بالإضافة لإبداعاته الخاصة والتي كانت غالبية منها تتعلق بفقه القضاء وكيفية إدارة العدالة وفق الشريعة الإسلامية.
توفي رحمه الله سنة 864ﻫ / ١459 م تاركا إرثا علميا ثريا ترك أثرا عميقا ليس فقط لدى المسلمين ولكن أيضا عند غيرهم ممن اهتموا بدراسات مقارنة للأديان والثقافات المختلفة. إن حياة ونبوغ عالم كبير بحجم الإمام جلال الدّين المحلي تعتبر مصدر إلهام لنا جميعا لتحقيق النجاح الأكاديمي والعلمي فيما نحبه ونتميز فيه.