في سطور التاريخ النقي تتألق عبر العصور مواقف بارزة للصحابة رضوان الله عليهم جميعا، وهم الذين آمنوا برسالة المصطفى صلى الله عليه وسلم ونصروه بكل جوارحهم وأرواحهم. هؤلاء الأفذاذ حملوا رايات الإيمان بحزم وثقة غير منقطعة، ولم تثنهم تهديدات الأعداء ولا ضغوط أقرب الأقارب عن طريق الهداية والقيم التي توضح تحت ظلال الدعوة الإسلامية المباركة. وفي هذه الرحلة سنستعرض ثلاث نماذج جيّاشة تشفع بصاحبها مكانا ساميا بين عباده الصالحين المقربين لدى رب العالمين سبحانه وتعالى.

موقف سعد بن أبي وقاص:

تولّد سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- لعائلة مجوسية، لكن إيمانه الصادق لم يعرف حدودا للأعراف التقليدية. عندما علمت أمه بإسلام ابنها شعرت بغضب وشكت في قراره، مما أدى إلى حلّف عدم تناول الطعام أو الماء حتى يعود لسابق عقيدته الوثنية. وبينما كانت تصارع المرض بسبب احتجاجاتها الظالمة، رحمة أبو عمارة (ابن سعد) بتلك الأم ذات القلوب الغافلة وسقيها المياء. أمام كل تلك المحنة الباردة، أكد سعد تصميمه الراسخ قائلاً:" يا أماه تعلمي والله أنه ولو كانت لديك ألف نفس وكل واحدة منها خرجت واحدة واحدة لما تركنت لديني مهما حدث". وهكذا سانده الدين الإسلامي الخالد ليصبح رمزًا للدفاع المستميت ضد محاولات التجريد والاستخفاف بمبادئه الدينية المقدسة. ويتماشى هذا الحدث مع الآية القرآنية التالية:[1] " وإِن جاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن يُشرِكَ بي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِيعَهُمَا و صاحَبْهُمَا فِى الدنيا مَعروفًا ". [26] العنكبوت/الرعد .

حمزة الأسد:

كان حمزة بن عبد المُطلب ـ ـ رضوانُ الله تعالى علبه ومولاه ـ العم الأكبر للنبي محمد صلى ألله عليه وسلم والذي اشتهر بلقب الأسد لله والرسول الأعظم. عزيمة وحمية قل نظيرهما تجليا خلال قصة إسلامه الفذة والتي تعتبر شاهداً حيّآ على قوة شخصيته وصموده البطولي. كما ورد فى الروايات المؤكدة حول حياته الشخصية ، انه عندما وصل خبر اعتداء أبو جهل بشراسة وخيانة تجاه الرسول الكريم –صلوات رب العالمين لأعلى الدرجات عليه وعلى آله— ثار غضباً جامحاً وانطلق نحو عدوه مباشرة ومعطف الحرب للإنتقام والإرشاد ضمن حدود الأدب المتفق عليها وقت ذاك : "متشحاً بسلاح القتال الخاص به والمكون بشكل رئيسي من عدة قطع مؤلفة جزء منها من قسم واحد فقط وليس أكثر!" وبعد الوصول لمنطقة تواجد خصومه بدء باستخدام روح المبادرة الشخصية الخاصة به لتوجيه صفعات موجعة لعقلانية الشخص المخالف لإرادته الدينية الجديدة وصفعه بكلتا يديه ثم مطالبة باستعادة الاعتبار والعقاب المناسب بناءً لأفعالهم:. ' هل تستطيع إعادة ما فعله لحسن خلقك مهما تنوع اشكال التجاوزات؟! '. هكذا حققت رؤية حمزة لهذه الحالة خطوة هائلة للأمام في تفاهم المجتمعات حول أهمية المواجهة الواضحة للحفاظ حقوق الإنسان والحفاظ أيضاً على سلامة النفس وكرامتها إذ أنها نقطة انطلاق مهمة لاستقرار الحياة اليومية والسياسة الاجتماعية عامة! .

عبد الله بن مسعود :

كان عبدالله بنمسعود ـ- جزيل فضائل المغفرة من خالق الكون جل وعلا -الأول ممن رفع أصواتهم مرتفعة لقراءة كتاب الله العزيز فوق أرض المكرم بمكه المكرمة بينما لم يكن الأمر مسموحاً مطلقاً طوال سنوات طويلة سابقة لإعلان نزول الوحي مباشره على النبي الأعظم وذلك مدعين بان مجرد مجرد سرد الايات المكتوبة بالحبر القديم يعد ذنب كبير يستحق الجلد الوحشي حسب تقديراتهم المضطربة آنذاك ! رغم تحذير زملاء وابناء الوطن له بشأن مخاطر العملية الخطيرة المرتقبة ، تمسك بقناعته الراسخة واستخدام عباراته القياسية للتعبيرعن ثقته بالقادر مهما بلغ حجم الألم المنتظر :" سوف يقوم الرب بخوض المعركة نيابة عنها نيابة عنها"!.. بالتالي انجرف ناحيه بيت مقدس يعرف باسم مقام ابراهيم وقام بترديد واضحات سوره الرحمن بشكل واضح ودقيق لاحساس وجود مراقبين لهم على مسافة ليست بذلك القدر من البعيد عن المكان الذي اختاره موقع مناسب ليقوم بتوصيل رسالته الكتابية للعالم الخارجي... وفور انتهاء الجلسة المفيدة والتأثير السلبي للدعوة المنادية بجهاد الطاغوت , تعرض مجموعة كبيرة جدا من سكان المدينة القديمة للاختناق والخنق وتم تسجيل علامات التعامل القاسية كاللطم والسحب القوي والجروح الناجمة نتيجة مكابرة الشيوعيين لفترة ممتدة منذ اللحظة الأولى لغزو المناطق العامة المختلفة داخل المملكة العربية السعودية .. عند الانتهاء من المهمة الثقيلة اتجه مرة اخري لرؤية اصحاب المهنه المذكوره سابقا ثم شاركهم مراصد الطبيعية الموجودة امام اعينهم موضحا سبب التصميم الراسخ بالنسبة اليه : " ما هي إلا زيادة قوة لدي وزيادة احترام داخلي مقابل اي امر يحدث الان"... فنعم الاستاذ معلم الاسرار ونموذجي رائع للقاريء المعتاد للكتاب الأخير!.