بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وبعد:
إن الحديث اليوم يدور حول أحد أبرز الشخصيات الفاضلة في تاريخ الإسلام المبكر، وهو الإمام الصحابي الجليل سهل بن سعد بن مالك، المعروف باسم "سهل بن عمرو". ترعرع هذا الرجل المبارك وسط الظروف الصعبة لوفاة والده أثناء حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك، ترك بصمة واضحة في تاريخ الدعوة الإسلامية.
مولده واسمه:
ولد سهل قبل هجرة المسلمين إلى المدينة المنورة بسنتين، وبحسب الروايات التاريخية فإن اسمه عند ولادته كان "حزن"، لكن نبي الله محمد -صلى الله عليه وسلم- غيره إلى "سهل" لعلمه بالحظوظ الجميلة المرتبطة بهذا الاسم في اللغة العربية.
مكانته العلمية والدينية:
كان لسهل بن سعد مكانة رفيعة لدى صحابة رسول الله رضوان الله عليهم. لقد روى العديد من الأحاديث النبوية، والتي نقلتها إليه شخصيات مؤثرة مثل أبي هريرة وزيد بن ثابت والسيدة عائشة وخالد بن سعيد. وهذا يشهد على مصداقيته وثقافته الواسعة.
رحلاته وحكمته:
زار سهل مدينة القدس وزار دمشق أيضًا، وقد شهد خلال زيارته الأخيرة لحياة الناس هناك والتغيرات الاجتماعية والفنية التي كانت تحدث آنذاك. وفي إحدى المواقف المثيرة للحكمة، عندما سُئِل عن سبب عدم دفاعه عن الخليفة الثالث عثمان بن عفان، أجاب بحكمة وفطنة كبيرة مما أدى إلى احترام كبير لشخصيته بين الناس.
نهاية مشواره:
انتقل الإمام سهل بن سعد إلى الرفيق الأعلى عام 88 هـ حسب معظم المصادر التاريخية، إلا أن البعض الآخر ذكر احتمالية بلوغه حوالي 96 سنة من العمر. يُعتبر واحداً من آخر الصحابة الذين قضوا نحبهم بمكة المكرمة.
رحم الله سهل بن سعد ومنحه أعلى درجات الجنان. إنه مثال رائع لتفاني الصحابة وإخلاصهم للدين الإسلامي والقيم الأخلاقية العالية التي حملوها.