في رحلتنا نحو الآخرة، يتطلب الأمر إعدادًا روحانيًّا عميقًا واستعدادًا داخليًّا صادقا لليقاع مع الله سبحانه وتعالى. هذا الاستعداد يشمل جوانب متعددة تؤكد قوة إيمان المرء وحقيقة محبته لله. إن حب لقائه -سبحانه وتعالى- ليس مجرد شعور عابر، بل هو أساس علاقة طويلة الأمد قائمة على الثبات والإخلاص.
الصبر أحد أهم سمات المؤمن الحقيقي. فهو يمتلك القدرة على تحمل المصائب والمآسي بروح مسلمة راضية، مدركة أن هذه الحياة مليئة بالتحديات وأن الصبر فيها مفتاح الفرج والنصر. ومن هنا يأتي الانشراح والقرب من الرب خلال الخلوات الروحية والتواصل معه عبر الدعاء وطاعة أوامره ونواهيه.
ومن مظاهر الصدق في الحب الإلهي تجلى في تعظيم مكانة القرآن الكريم لدى الفرد المسلم وكرامته لديه. إنه كلام الله المنزل، مصدر النور والهداية لكل مسلم مخلص. لذا فإن الحرص على قراءته وفهمه والسلوك وفق تعاليمه يعد جزء أساسي للاستعداد لذلك اليوم الكبير.
وفي الوقت نفسه، تنمو البصيرة عند الشخص بممارسة التفكر المستمر بالموت وأحواله المختلفة. فالذي يدرك نهاية الزمن الدنيوي لن ينسى لحظة واحدة أنه سيقف أمام بارئ الأكوان وهو يحاسبه عن جميع أفعاله. ولذلك فإن الأعمال الصالحة هي الترياق الوحيد ضد ظلام ذلك اليوم المرعب.
وعندما تتجسد تلك القناعة في نفوس الأفراد، يتحولون تدريجيًا لأولياء يقينيين طامعين فيما لدي الرب ومخشيين من غضبه وعقاباته لمن عصاه واشرك به غيره. وهذا النوع الخاص من الشوق الإنساني تجاه الخالق القدوس يمكن وصفه بأنه حالة فريدة تجمع بين الرجاء والخوف، وبين الطمع والإنذار بالنار لمن لم يعمل صالحاً ولم يؤدي فرضه كاملا.
وأخيراً وليس آخرا تأتي تقوى الله كأفضل زاد لصاحبه ليومه المرتقب. فهي جوهر الإسلام والحكمة الإلهية التي جاء بها الرسل كافة منذ آدم حتى محمد ﷺ. إنها الطريق الواضح للحياة الهانئة المطمئنة والتي تضمن دخول فرد إليها جناتها برفقة أوليائه المقربين إليه الذين عملوا لها بإخلاص وتمسك بحبل الوحدة وصلابة العقيدة الصافية البعيدة عن الشبهات والدجل المخالف للسماء.