روائع الأدب والشعر حول وصف الجنة: رحلة إلى عالم كونيّ من السلام والأمان.

الجنة، تلك الأرض البكر التي بشر بها الدين الإسلامي والتي وعد الله المؤمنين بدخولها لمن اتبعوا الطريق الحق وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة. إنها مكان العظم

الجنة، تلك الأرض البكر التي بشر بها الدين الإسلامي والتي وعد الله المؤمنين بدخولها لمن اتبعوا الطريق الحق وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة. إنها مكان العظمة والكرم الإلهي، حيث النعيم المطلق والخير الدائم. لقد حظيت الجنة باهتمام كبير لدى الشعراء والفلاسفة عبر التاريخ، الذين غاصوا في عمق معانيها ليصفوها بلغة ساحرة ومعبرة تجسد جمال هذا العالم الآخر.

في القرآن الكريم نفسه، نجد وصفا مفصلا لهذه الآفاق الخالدة، مثل قوله تعالى: "إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب." كما جاء في الحديث القدسي رواية أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "قال الله عز وجل: إذا اختلف اثنان من عبادي في شيء فأحكما بينهما فلم يحكما بحكمي فقد قطع أحدهما صلتي وقطع صلته بي." وهذه توضيحات واضحة لطبيعة الحياة الرفاهية في الجنة. ولكن ماذا يقول شعراء العرب العظام والمحدثون؟ وكيف اختار كل منهم طريقا خاصا له للتعبير عن مشاعره تجاه الجنة؟

في رائعة الشاعر حافظ إبراهيم، "خطبة الجنة"، يعرض لنا صورة حيّة للجمهور المستمع لما ستكون عليه حالتهم عند دخولهم باب الجنات الواسع: "أنا الملك يا أهل الدنيا/ قد طلعتمْ بعد طول انتظار/... فرحٌ عظيمٌ والفرسانُ سائرونَ / يُزفُّونَ الأحداقَ والعقول تبكي"! وفي قصيدته الأخرى "تأملات في الجنة"، يستعرض أبو الطيب المتنبي بعض عجائب الأحوال هناك بطريقة شاعرية خلابة، موضحاً كيف سيكون النظام فيها مختلفا عن نظام الدنيا المعقد بتناقضاته الظاهرة والمعنوية.

أما محمود درويش، فهو يشير بإيجاز شديد لإحدى خصائص هذه المملكة المثالية عندما يهتف قائلاً: "في الغد سنرى الشمس تغرب فوق القبور,/ ونسمع صوت الماء ينساب تحت الرخام;/ وعندئذ نعرف أخيرا ما هي الجنة!" بينما يشجع خليل مردم بك المرء على التفكير مليّا في مستقبل أقصر ممّا نتوقع جميعا ردحا عقب حياتنا الحاضرة قائلا: "وإذا ماتت النفس انفكت/ أمثلها وحسها وثوابها.”

وبهذا فإن رحلتنا عبر الأقلام العربية تأخذ منحنى جمالي جديد لكل مرحلة تاريخية عاشها هؤلاء الكتاب، مما يدفعنا لتقدير مدى أهمية فهم طبيعة المجتمع الأخروي والإقبال نحو العمل لتحقيق الوصول إليه وفقا لأوامر رب العباد سبحانه وتعالى. ولعل أكثر تعبير مؤثر عن ذلك يأتي مباشرة من رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم حين خاطبت صحابته رضوان الله عليهم بالحديث الشريف التالي: «إن لله تسعة وتسعين اسماً مئة إلا واحداً...». وهذا مثال واضح علي قدرة الوحي الرباني علي إمداد الإنسان بصورة مكملة ودقيقة لسلوكيات ومزايا سكان الفردوس الأعلى مقارنة بما يسمعه ويراه خلال فترة وجوده وسط أجواء البشر اليومية المعتادة. لذلك دعونا نسعى دائما لاستشعار آثار تلك النصوص المقدسة لنستشعر حقائق حياة آخرى سعيدة بالفعل!


الفقيه أبو محمد

17997 Blog indlæg

Kommentarer