الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
في موضوع الزواج، يبرز سؤال مهم: هل هو نصيب أم اختيار؟ الجواب يكمن في فهم العلاقة بين القدر والاختيار الإنساني. فمن جهة، يؤكد الإسلام أن كل ما يحدث في الكون هو بقدر الله، كما جاء في القرآن الكريم: "إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ" (القمر: 49). وهذا يعني أن كل شيء مكتوب ومقدر من الله قبل خلق السماوات والأرض.
ومن جهة أخرى، يمنح الإسلام الإنسان حرية الاختيار في العديد من الأمور، بما في ذلك الزواج. فقد أمر الله عباده بالبحث عن الزوجة الصالحة، كما جاء في الحديث النبوي الشريف: "تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك". وهذا يشير إلى أن الدين والخلق هما المعياران الأساسيان لاختيار الزوجة، ولكن لا يمنع ذلك من اشتراط أمور أخرى مباحة.
وعلى الرغم من أن الزواج قد يكون نصيبًا مقدرًا من الله، إلا أنه لا يعني ترك الأسباب. فالله تعالى حكيم، ويوجد الأمور عند وجود أسبابها. كما جاء في الحديث الصحيح الذي أخرجه الترمذي عن أنس بن مالك: "قال رجل: يا رسول الله أعقلها وأتوكل، أو أطلقها وأتوكل؟ قال: أعقلها وتوكل".
لذلك، يجب على المسلم أن يسعى في البحث عن شريك الحياة المناسب، وأن يستشير أهل مشورته، ثم يستخير الله بعد ذلك. ويجب عليه أن يعلم أن ما قدره الله له لن يخطئه، وما أخطأه لن يقدره له.
وفي الختام، فإن الزواج هو مزيج من القدر والاختيار الإنساني. فبينما هو نصيب مقدر من الله، إلا أنه يتطلب أيضًا جهدًا وإرادة إنسانية. فالمسلم يجب أن يسعى في البحث عن شريك الحياة المناسب، مع الاعتقاد بأن ما قدره الله له سيحدث بالفعل.