تعدّ آية الكرسي واحدةً من الأعظم وأجلِّ الآيات القرآنية التي حظيت باحترام كبير لدى المسلمين منذ عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم. تحمل هذه الآية التي جاء ذكرها في سورة البقرة (سورة2 - الآية255) الكثير من المعاني العميقة المرتبطة بالإله والإيمان والخير المطلق.
في بداية الأمر، فإن تسميتها بـ "الكرسي" يعود إلى كونها تصف مكان جلوس الرب عز وجل حسب التفاسير المختلفة. يشير مصطلح "الكرسي" هنا إلى كرسي مجازي يمثل ملكوت الله وسلطانه العالمي. وبالتالي، فهي تؤكد قدرة وعظمة خالق الكون وتدعو المؤمنين للتضرع والاستغاثة بالله طلباً للنصر والحماية.
بالإضافة إلى ذلك، تعد آية الكرسي عاملاً رئيسياً في الحفاظ على البيان القرآني نظراً لقوة تأثيرها وحفظها للقرآن الكريم. روى الصحابي أبو هريرة رضي الله عنه قصة غريبة حيث قال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم: "إن للمؤمن إذا قرأ آخر آية من آخر سورة البقرة وهي آية الكرسي لم تتمسسه شيطان حتى يصبح". وهذا يدل على قوة وتأثير هذه الآية الواحد والعشرين حرفاً فقط.
كما أنها تعتبر دعامة أساسية للإيمان الصحيح، إذ تحتوي على عناصر مهمة مثل توحيد الذات الإلهية والثبات في الحياة والنهاية الأبدية بعد الموت. فبقوله سبحانه {الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} يؤكد وحدانية الخالق وعدم وجود شريك له فيما خلق، بينما تعزز عبارة {لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ} الثبات والإرادة الدائمة لله تعالى مقارنة بسائر المخلوقات البشرية وغير البشرية. أخيرا وليس آخرا، تحذر آية الكرسي من مغبة الشرك والكفر قائلة {إِلَّا مَنْ شَاءَ رَبُّكَ}.
ومن الناحية العملية، يستحب قراءة آية الكرسي يوميًا لما لها من فضائل كثيرة منها ما ذهب إليه ابن عباس رضي الله عنهما عندما قال: "إن فيها اسم الله الأعظم"، وما ثبت عن أبي هريرة رضى الله عنه بأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبره عنها بأنه لو كان أحدكم ذا ثروة لألف دينار ثم قرأها كل ليلة لاستغنى." وهذا دليل أكثر على أهميتها وأثرها الكبير المتوقع عند القراءة المنتظمة لها.
وفي نهاية الأمر، تبقى آية الكرسي شاهداً عظيماً على إعجاز القرآن الكريم وتميزه وسط جميع كتب العالم الأخرى. إنها مرجع دائم لعلم الإنسان بربه والتوجه إليه عبر الدعوات والأدعية المستمدة مباشرة من القرآن نفسه وهو المصدر الوحيد للعراقات والمصائب المشابه لتلك الموجودة في القصص القديمة. إن فهم وتعظيم هذه الآية يمكن أن يقرب المسلم أكثر نحو اكتشاف معاني أخرى متداخلة ومترابطة داخل هذا الكتاب المقدس الغني والمعجز فعلا!