الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن دخول الحائض إلى المسجد محل خلاف بين العلماء، ولكن جمهور الفقهاء من أصحاب المذاهب الأربعة يرون أنه لا يجوز للحائض أن تمكث في المسجد، مستندين إلى حديث عائشة رضي الله عنها حيث قالت: "جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوه بيوت أصحابه شارعَة في المسجد، فقال: وجهوا هذه البيوت عن المسجد، ثم دخل النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعل القوم شيئًا رجاء أن ينزل فيهم رخصة، فخرج إليهم بعد فقال: وجهوا البيوت عن المسجد فإنّي لا أحل المسجد لحائض ولا جنب" (رواه أبو داود).
ويستدل هؤلاء العلماء أيضًا بحديث آخر رواه ابن ماجه عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن المسجد لا يحل لحائض ولا جنب ".
ومع ذلك، هناك بعض الاستثناءات التي أجازها العلماء، مثل مرور الحائض بالمسجد لأخذ حاجة عارضة، بشرط أن تحافظ على نفسها من نزول شيء من الدم، كما ورد في قوله تعالى: "ولا جنب إلا عابر سبيل حتى تغتسلوا" (النساء: 43).
أما بالنسبة للحائض التي ترغب في حضور دروس علمية أو مسابقة قرآنية في المسجد، فإن جمهور العلماء يرون أنه لا يجوز لها الجلوس في المسجد نفسه، ولكن يمكنها الجلوس في مكان ملحق بالمسجد وليس جزءًا منه، مثل ممر موصل إلى مكان الصلاة أو غرفة مخصصة للمطالعة والانتظار.
وفي الختام، يجب على القائمين على المسابقات والأنشطة الدينية مراعاة هذا الأمر وتنظيمها في أماكن خارج المساجد لتجنب أي خلاف شرعي. والله أعلم.