- صاحب المنشور: جلول بن زيدان
ملخص النقاش:
في السنوات الأخيرة, شهد العالم تصاعدا ملحوظا في التوترات السياسية والتجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين. هذه العلاقة التي كانت تعتبر ذات يوم "شراكة غير عادلة" وفقاً لرئيس الولايات المتحدة السابق دونالد ترامب, تحولت الآن إلى مواجهة تجارية واقتصادية كبيرة. هذا التحول يعكس مجموعة معقدة من القضايا المتداخلة تتعلق بملكية الملكية الفكرية، التجارة الحرة، والقوة الاقتصادية العالمية.
الخلفية التاريخية:
بدأت المواجهة التجارية عندما فرض الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن الرسوم الجمركية على واردات الصين الاستثمارية لعام 2007 بسبب ما وصفها بأنه انتهاكات لقواعد منظمة التجارة العالمية (WTO). ولكن الأمر وصل إلى ذروته تحت إدارة ترامب الذي بدأ حربًا تفضيل التجارة الخاصة في عام 2018 عبر فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على واردات بقيمة 50 مليار دولار أمريكي سنويًا من منتجات تكنولوجية عالية التقنية. ردت الحكومة الصينية بتعريفاتها الخاصة على المنتجات الزراعية الأمريكية وغيرها من القطاعات. وقد أدى ذلك إلى واحدة من أكثر الفترات تعقيدًا في العلاقات الثنائية الحديثة بين البلدين.
التأثير الاقتصادي:
من الناحية الاقتصادية، كان لهذه المواجهة تأثير كبير على كلا البلدين وعلى النظام العالمي بأكمله. فقد أثرت التعريفات الجمركية المرتفعة على الشركات والمستهلكين في كل دولة؛ حيث ارتفع سعر العديد من السلع المستوردة مما زاد تكلفة المعيشة للكثير من الأميركيين والعائلات الصينية. كما تأثرت الأسواق المالية حيث انخفض مؤشر داو جونز بعد الإعلان الأول عن زيادة التعريفة الجمركية بنسبة 25%. وفي الجانب الآخر، أُجبرت شركات أمريكية عديدة - خاصة تلك العاملة في مجالات مثل الإلكترونيات والأدوية - على إعادة النظر في استراتيجيتها التشغيلية نتيجة للتغييرات في السياسات التجارية.
بالإضافة لذلك، فإن الحرب التجارية قد عطلت تدفق رأس المال والاستثمار الدولي. فبينما تسعى الصين لتحقيق استقلال أكبر اقتصادياً عبر تبني سياسات تساهم في بناء قطاع خاص قوي داخل البلاد، تستغل واشنطن نقاط ضعف بكين بهدف تخفيف اعتمادها على الخارج وتوجيه المزيد من الإنفاق المحلي نحو الداخل الوطني. وهذا يجعل الأمور أكثر تعقيدا لأن أي تغيير جذري في هيكل السوق العالمية يمكن أن يؤدي إلى اضطراب اقتصادي عالمي واسع النطاق.
الحلول المحتملة:
بالرغم من وجود الكثير من الخطاب التهديدي حول مستقبل العلاقات التجارية والحروب الأخيرة، إلا أنه هناك أيضاً اتجاه لاعتماد حلول وسطاء طويلة المدى. ومن ضمن هذه الحلول: خفض مستوى التصعيد الحالي، وعقد اتفاقيات ثانوية حول جوانب مختلفة من الاتفاق الأولي الموقع بين الطرفين والذي يشمل مسائل مثل حماية حقوق الملكية الفكرية والدخول المجاني للسوق. علاوة على ذلك، تشير بعض الدراسات والأبحاث الاقتصادية إلى احتمالية حدوث تغييرات هيكلية عميقة في الاقتصاد العالمي تؤدي إلى تقليل الاعتماد الكبير لبعض الدول الأخرى على الصين كمصدر رئيس للإنتاج والسوق الواعد بالمستقبل البعيد نسبيا مقارنة بالولايات المتحدة وأوروبا الغربية.
وفي نهاية المطاف، يبدو واضحا بأن الوضع الحالي يتطلب نهجا جديدا ومبتكراً للحوار الدبلوماسي لحل المشاكل العالقة وإنهاء حالة عدم اليقين بشأن التجارة الدولية. ويصبح هنا دور المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي ومؤسسات أخرى مهم للغاية لتوفير مساحة مشتركة لمناقشة السياسات الاقتصادية الضرورية لإعادة توازن التبادل التجاري واستقراره مرة أخرى. إن فهم طبيعة وشدة الصراع الحالي أمر حيوي لفهم كيفية تطور نظام المنظمة الاقتصادي الجديد وكيف ستؤثر القرارات الحكومية عليه مستقبلاً.