تُعدُّ قوم عاد وثمود من أشهر القبائل التي ذكرها القرآن الكريم، وقد تركا بصمة واضحة في تاريخ العرب القديم. عاش قوم عاد في منطقة ظهران باليمن حسب النصوص الدينية والإثنوغرافية القديمة، بينما ثَمَّدت قبيلة ثمود بين الحجر وجبل عير شمال شبه الجزيرة العربية. سنتناول تفاصيل أكثر حول أماكن إسكان هذين الشعبين العريقين فيما يلي.
موقع وسكن قوم عاد:
في جنوب غرب شبه الجزيرة العربية، تحديداً في المنطقة المعروفة الآن باسم ظهران بالقرب من مدينة حضرموت اليمنية، قامت دولة عاد إحدى الدول الرئيسيات قبل ظهور الإسلام. كانت هذه الدولة تتمتع بثروات طبيعية هائلة؛ فبالإضافة إلى امتلاكها لآبار مائية وفيرة ومياه جوفية غزيرة الجريان، كانت مزدهرة بزراعة أشجار النخيل وتربية الإبل. وكانوا معروفين بتقدمهـم العمراني والتكنولوجي آنذاك. يذكر المؤرخون القدامى مثل أبو حيان الأندلسي وابن هشام بن محمد أن سكان تلك المنطقة كانوا يعرفون بـ"عَاد"، نسبةً إلى جدٍّ مشترك لهم وهو عاد بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام. تشهد الآثار الموجودة هناك وجود مستوطنات عمرانية ضخمة تعود لعصور ما قبل الميلاد.
الموقع والسكن لقوم ثمود:
أما بالنسبة لقوم ثمود الذين ورد ذكرهم أيضاً في القرآن الكريم، فقد استقروا في منطقة الحجاز الشمالية الغربية لشبه الجزيرة العربية، وهي نفس الأرض التي شهدت نشأة النبي محمد صلى الله عليه وسلم لاحقاً. تحدد الروايات الإسلامية والأثرية مواقعهم بدقة نسبياً عند جبل الرّيحان الواقع بين مدينتين هما خيبر ووادي القرى الحاليين. يعد نبع عين سمراء أحد أهم معالم المكان المرتبط ذات يوم بالحياة اليومية لسكان المدينة. تُظهِر رسومات الكهوف والنحت الصخري بقايا مجمع معماري كبير يفوق بكثير ما يمكن تخيله لفترة زمنية طويلة مضت مما يؤكد ثراء ثقافتهم وتقدمهم التقني والفني خلال حقبة زاهرة من التاريخ الإنساني المطبوع ببصمتها حتى وقتنا الراهن.
وبذلك نكون قد رسمنا صورة عامة لمواقع الاستيطان الرئيسية لكلتا القبيلتين بناءً على الأدلة الوثائقية والمادية المتاحة لدينا حالياً والتي تبقى دليلاً حيّاً على عظمتيهما وشاهداً دامغاً لتاريخهما المجيد منذ آلاف الأعوام البائسة!