يُعتبر كلٌّ من المسجد الأقصى و قبة الصخرة رمزين بارزين للثقافة الإسلامية والتاريخ الفلسطيني العريق، ولكنهما يختلفان بشكل واضح فيما يتعلق بالأبعاد الدينية والمعمارية والتاريخية. المسجد الأقصى، وهو ثالث الحرم الشريف المقدس عند المسلمين بعد الكعبة والمطر، يشغل مساحة واسعة تقدر بنحو 144 دونماً وتحتوي على العديد من المباني والأماكن ذات القيمة الروحية والعلمانية. أما بالنسبة لقبة الصخرة، فهي بناء ديني مستقل ومكتفٍ بذاته يرجع تاريخه إلى القرن السابع ميلادي ويقع داخل حرم المسجد الأقصى.
تتميز قبة الصخرة بموقعها الاستراتيجي فوق "الصخرة"، وهي مكان مقدس لدى اليهود والمسيحيين أيضاً بالإضافة إلى المسلمين الذين يؤمنون بأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم ارتقى منها إلى السماء خلال رحلة الإسراء والمعراج. تم تشيد هذه القبة الفخمة باستخدام الرخام والجص الملون لتكون تحفة فنية معمارية تستحق الزيارة والإعجاب. ولكن رغم أهميتها الروحية والفنية، تعتبر جزءاً أصغر بكثير مقارنة بالمسجد الأقصى الواسع ومتنوع المنشآت.
على الجانب الآخر، يُعد المسجد الأقصى مركزاً دينياً وثقافياً رئيسياً منذ زمن بعيد قبل الإسلام حتى اليوم. إنه ليس مجرد بيت عبادة بل مجمع ثقافي شامل يحتضن مكتبات ومعاهد تعليمية ومرافق اجتماعية متعددة. يسعى هذا المجمع الكبير ليكون محوراً للإشعاع الثقافي والحضاري للأمة الإسلامية عبر القرون المختلفة.
في النهاية، بينما تحمل كلا الموقعين أهمية روحية كبيرة ولا يمكن فصل أحدهما عن الآخر إلا أنهما يتمتعان بتخصصات فريدة وطابع مميز يعكس عمقهما التاريخي ودلالاته الدينية الغنية. إن فهم الفرق بينهما يساعدنا على تقدير الثروة المعنوية والعمرانية التي تجسدها مدينة القدس العزيزة.