تزدان الجنة بمختلف المقاييس البشرية لما فيها من نعم وخيرات لا تعد ولا تحصى، مستمدة كلها من فضل خالقها القدير. فهي موطن الأبرار المستحقين لإسعاد الله عز وجل، مصفوفة بحكمة وموازاة مع درجات إيمان ساكنيها وتقواهم. تصف لنا الآيات القرآنية مشهد جنات عدن بدقة مذهلة، فتروي كيف تتعدد أفنان رياضها وزروعها المختلفة وروائحها الفواحة وكيف تنمو الأشجار المثمرة ذات ثمار متنوعة وغنية بالعناصر المغذية لجسد وعقل الإنسان. ولعل أشهر تلك الأنواع هو سدرة المنتهى حيث تزدهر زهور عطرية نادرة وأزهار بيضاء جذابة حفيف بتلاتها يشابه صوت الرعد الناعم عند هبوب الرياح الخفيفة. كما خص الله سبحانه رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بنهر مبارك المعروف باسم كوثر والذي يسقى منه المفلحون يوم الجزاء العظيم، بينما يجود عليهم أيضًا بساقية تسمى بيدخ تستحم فيها شهداء الحرب المقدسة قبل دخولهم إلى دار القرار.
ومن عجائب شرايين الحياة هناك وجود نهري تسنيم وسلسلاب اللذان يحتوي أحدهما على رحيق مخلوط بحثاره الأخاذ للأسماع، أما الثاني فهو مشروب برحيق الزنجبيل مما يجعله مرغوبا بشدة بين سكان البرجتين. ويستمتع dwellers of the garden أيضا بتناول اللحوم المشوية لأشهى الدواجن والجوانب الشهية الأخرى للأطباق المحلية الغريبة والعالمية والتي لم تكن معروفة حتى الآن للعين البشرية. وهناك الكثير غير ذلك كتقديم الخدمات الشخصية بواسطة الأطفال الصغار الذين كانوا ضحية مبكرة لانتهاء مدة حياتهم القصيرة لكن أجورهم محفوظة لدى رب العالمين لتكون مجزاه لهم يوم الدينونة الأخيرة.
وفي النهاية، يأخذ هؤلاء المباركين شكل الرجال الأقوياء والشيوخ العملاقة المرتدين ملابس ساحرة مصنوعة من المخمل الحريري ويتباهون بتيجان ذهبية لامعة فوق رءوسهم. وفي الوقت نفسه، تتمتع زوجاتهم بالسحر والأنوثة اللافتتان للنظر حيث يقارن جمال بشرتهم العادل بالنور المتوهجة داخل بلورة اليشب الراقیة وحبات اللآلئ المبهرة المدفونه منذ القدم ضمن الظلام المطلق للقاع البحرِ المُظلمة. إنها حقا حياة خالد لكل مؤمن وفيه جزاء عمل صالح وأجل غاية لهؤلاء الأفراد المكرمين بإذن مولانا الواحد الأحد جل وعلى!
