كانت سمية بنت خباط، أم عمار بن ياسر، من أوائل الذين اعتنقوا الإسلام في مكة المكرمة. كانت سمية، مع زوجها ياسر وابنها عمار، من المستضعفين الذين تعرضوا لأشد أنواع العذاب على يد قريش بسبب إيمانهم الجديد. كان بنو مخزوم، أسيادهم، يخرجون بهم في حر الظهيرة إلى الصحراء حيث يعذبونهم بشدة. حتى أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم مر بهم ذات مرة وهم يعذبون، فقال لهم: "صبراً آل ياسر، فإن موعدكم الجنة".
في إحدى المرات، قيّد أبو جهل يدي سمية وقدميها بالحبال ثم طعنها في بطنها، مما أدى إلى استشهادها. كانت سمية أول شهيدة في الإسلام، وقد نالت منزلة عظيمة بسبب صبرها وثباتها على دينها. كما استشهد زوجها ياسر تحت التعذيب، وكذلك ابنها عبد الله الذي رموه بسهم فوقع ميتاً.
أما عمار بن ياسر، فقد تعرض لأشد أنواع التعذيب من المشركين. لقد شددوا العذاب عليه بالحر، ووضعوا صخرة عظيمة على صدره، وأغرقوه تارة أخرى حتى أجبروه على أن يتلفظ بكلمة الكفر. ولكن عندما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال له عمار: "ما وراءك؟"، فأخبره عمار بما حدث. سأله الرسول: "كيف تجد قلبك؟"، فأجاب عمار: "مطمئن بالإيمان". فقال له الرسول: "إن عادوا فعُد".
وقد نزلت الآية الكريمة: "من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرًا فعليه غضب من الله وله عذاب عظيم" (النحل: 106). وقد قال المفسرون إن هذه الآية نزلت في عمار بن ياسر وبمن عذب من المستضعفين.
بعد ذلك، هاجر عمار بن ياسر إلى المدينة المنورة وشارك في عدة معارك وغزوات مثل أحد والخندق وبدر وشهد بيعة الرضوان. واستشهد في معركة صفين.
كان آل ياسر مثالاً للصبر والثبات على الإيمان في وجه العذاب الشديد. وقد دعا لهم النبي محمد صلى الله عليه وسلم قائلاً: "اللهم اغفر لآل ياسر، وقد فعلت".