لا يمكن القول بأن الإنسان مسير تمامًا أو مخير تمامًا، بل هو مزيج من التسيير والتخيير. ففي بعض الأمور، يكون الإنسان مسيراً، حيث لا يستطيع تغييرها، مثل الأب والأم والجنس والطول، والأمور الجبليّة كالذكاء وقوة الجسم والفقر والغنى. هذه الأمور مقدرة ومكتوبة في اللوح المحفوظ، ولا يمكن للإنسان تغييرها.
أما في أمور أخرى، يكون الإنسان مخيراً، حيث يمتلك عقلاً وسمعاً وبصراً وإرادةً تمكنه من تمييز الخير من الشر والنافع من الضار. فيختار لنفسه المناسب ويدع غيره، وبذلك تعلقت التكاليف الشرعية به من الأمر والنهي. على سبيل المثال، في الزواج وعمل الخير وغير ذلك من الأمور، يكون الإنسان مخيراً في اختياره.
ينقسم التخيير في حياة الإنسان إلى ثلاثة أقسام:
- التخيير المنضبط: حيث يستطيع الإنسان الخروج عن إطار الشريعة وأوامرها وتعاليمها، ولكنه يلتزم ويطيع الأوامر ويبقى في ظل الشرع، مما يجعل له الثواب في الدنيا والآخرة.
- التخيير غير المنضبط: حيث يخرج الإنسان عن أوامر الشريعة ويخالفها بإرادته واختياره، ولكنه يحاسب ويعاقب إن لم يتب من مخالفاته لأوامر الله تعالى.
- التخيير المطلق المباح: حيث يستطيع الإنسان فعل الأمور المباحة بإرادته واختياره ولا يكون آثماً إن اختارها وفعلها في ظل أوامر الشريعة الإسلامية.
للتحقق من الإيمان بالقضاء والقدر، يجب أن يؤمن المسلم بأربعة أمور:
- أن الله خالق كل شيء.
- أن الله عالم بكل صغيرة وكبيرة تحدث.
- أن الله كتب كل شيء في اللوح المحفوظ.
- أن كل ما يحدث في السماوات والأرض لا يتم إلا بمشيئة الله تعالى.
بهذا التوازن بين التسيير والتخيير، يكون الإنسان مسؤولاً عن أفعاله ومختاراً لها، مما يجعل التكليف الشرعي قائماً عليه.