في رحاب الكتاب العزيز، نجد وصفاً واضحاً لملامح المؤمن الحقيقي، تلك الصورة الروحية والنفسية المثالية التي دعا إليها ديننا الإسلامي. هذه الصفات ليست مجرد توصيفات نظرية، بل هي واجهات عملية يعيشها المؤمنون في حياتهم اليومية، ليكسبوا رضوان الله والفوز بالأجر الكبير. من أهم صفاته:
- الخشوع في الصلاة: وهي درجات إيمانية عالية تعكس حضور القلب والروح أمام الرب جل جلاله. هنا يتحرّك كل عضو وفق توجيه شرعي، مصحوبا بتفكير عميق وفهم عميق لما تقرأ العين وتسمعه الآذان. ينبع هذا الخشوع من إدراك مدى قرب العبد من مولاه، وحاجته للعيش متوترا وأمرا بعيدا عن مشتتات الدنيا وزخرفها. يقول الحق تبارك وتعالى: "﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾" [المؤمنون: 1-2].
- تزكية النفس: تُعرِّف التزكية باعتبارها تطهيرا للنفس والتوسيع لها بالنبل والكرم الرقيق. يُنقّي المرء قلبه من دنس المعاصي والمآثم, ثم يسعى لتطوير شخصيته بإضافة أفضل الأخلاق كالصدق والإخلاص والتوكل والشكر لله عز وجل. تنقسم التزكية إلى مرحلتين رئيسيتين: تحليل -أي نزع عيوب الشخصية مثل الغيبة والحسد وغيرهما-, وتحسين –إضافة محاسن اخلاقية نحو الإيمان الصادق والصبر والثقة بالله-. ثمار هذا العمل الداخلي عديدة منها الوصول لجنة ودخول عالم الفردوس الأعلى للنفوس المنزهة.
- حفظ الفرج: يعد واحدا ممن مدح بهم الرحمن رسوله محمد صلى الله عليه وسلم عندما قال:"((إن بني آدم حين يولد لهم الماء يصيب منه فرجة))"-رواه أحمد الترمذي". ويتضمن الامتناع عن محارم الله كالزنى وما يقاربها إضافة للحفاظ على طهر الأعضاء لمنع الاتصال المحرم خارج اطار الشرعية عبر الانتساب البيولوجي المشروع وهو الزفاف. يحصد حافظ الفرج دعوات مستجابة ومغفرة ذنوبه بالإضافة للأجر العميم عند خالق الأكوان حسب وصايا الوحي المنزل لإرشاد البشرية جمعاء.
- أداء الأمانة: تعد امانة أحد ركائز بناء مجتمع مسلم سليم وضبط النفس تجاه المخالفات وسلوك مستقيمي القوم باتباع المستقيمات بدون انحراف عنها أبداً. ليس فقط الحفاظ على أملاك الآخرين ولكن كذلك برعاية حقوق الأقرباء والعائلة كلهم جميعا ضمن دائرة مسؤوليتها الخاصة؛ لأنها جزء مهم جدا لحماية المجتمع وشرفه. يؤكد كلام رب العالمين:"(وٱلذین هم لأماناتھم وعهدهم راعون)"[الفرقان :62]على اهمية تحمل المسؤوليات بكل جدية اكراما لأوامره وآثار الجزاء التأمينية المناسبة لذلك .
- الوفاء بالعهد: تعتبر واحدة من صفات المناصف المتقدم المرتبة الذين يتمتعون بسجل نظيف من العلاقات الاجتماعية. فهي أساس لبقاء الثقة الاجتماعية وانتشار الشعور بالأمان بين أفراد الجماعة الواحدة بمختلف طبقاتهابضمن علاقات شخصية وعائلية وايضا ذات علاقة رسمية مهنية ومعاملات تجارية…الخ، وذلك بطريقة ترضي الضمير الإنساني وتوافق موازين الحكم الربانية المعلنة.""(یسعدی مؤمنى فی صداقتهم ویوفون بعهدهم)".