العلاقة المقدسة بين الطاعة والبر: تأملات حول حقوق الوالدين وفق الشريعة الإسلامية

الطاعة هي إحدى أهم القيم التي حث عليها ديننا الإسلامي الحنيف، وتظهر بشكل خاص عندما نتحدث عن واجباتنا تجاه والدينا. يأمر القرآن الكريم عباده المؤمنين ب

الطاعة هي إحدى أهم القيم التي حث عليها ديننا الإسلامي الحنيف، وتظهر بشكل خاص عندما نتحدث عن واجباتنا تجاه والدينا. يأمر القرآن الكريم عباده المؤمنين بطاعة أبويهم، قائلاً في سورة الإسراء، الآية ٢٤: "وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا". إن استخدام فعل الأمر هنا يعكس شدة التوجيه الرباني بضرورة طاعتنا لأبوينا في جميع الأمور باستثناء تلك التي تخالف أوامر رب العالمين. ليس هذا فقط، بل يؤكد النبي محمد صلى الله عليه وسلم على قيمة البر بالأهل في الحديث الشريف: "(إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)" [رواه مسلم].

إن دور الوالدين هو الأساس الذي نبني عليه مستقبلنا؛ فهم الذين قدموا لنا الحياة ورعونا حين كانت أيدينا صغيرة قبل أن تكون قادرات على حمل كأس الماء لنفسها. لقد تحملوا عناء الليل بعد طول نهار لتحقيق سعادتنا واحتياجاتنا. كيف يمكننا ألّا نعترف بخدمتهم ونحترم قراراتهم؟ إنها ليست مجرد طاعة ظاهرة، ولكن أيضاً تضمين حبهم واحتوائهم في قلوبنا ومنزلتهم الأولى في اهتماماتنا اليومية.

صورة البر تتضمن العديد من الجوانب العملية مثل عدم التأفف منهم وعدم المشاكسة لهم أثناء حديثهم معنا. بالإضافة إلى الحرص الدائم على راحتهم وسعادتهمخاصةً خلال مرحلة الشيخوخة والتقدم في العمرحيث تحتاج النفوس الرحيمة لتقدير وشعور بالعاطفة الإنسانية الجميلة. ويتضمن أيضًا تقديم المساعدة المالية حسب القدرة والإمكانيات المتاحة، والإخلاص لهم حتى لو لم يكن بوسعنا تحقيق مطلبهما دائماً.

فضلاً عن ذلك فإن احترام وجودهما أمام الآخرين يعد جزءاً مهماً من برهم، فهو دليل على تقديس ذكرهم بين الناس والحفاظ على هيبتهم داخل المجتمع وخارجه. كذلك يهتم الدين بأن يتم الاعتناء بهم وعلاجهم إذا مرضوا بكرم وصبر بدون ملل أو تسخط عليهم بسبب عمرهم المتزايد ومعاناتهم الصحية المصاحبة لذلك. وبالمثل پس وفاة أحدهم فالدعاء المستمر والصالح فيه خير جزيل لصلاح حالهم بعد الغياب الحسي والمادي لعالمنا الدنياوي الوضيع. وفي الواقع فإن تأثير رضاهم سيكون واضحاً عبر حياة طويلة مباركة مليئة بالنعم والوفرة والخير الكثير بإذن الله سبحانه وتعالى.

ختاماً، تنمو روح البراءة والمحبة نحو الأسر منذ سن مبكرة لدى الطفل المنشغل بدلال أبيه وأمه والذي يشعر بحنان قلبيهما الواسع ومحبتهما غير المشروطة إليه. بالتالي ترسخ قيمه الأخلاق الحميدة لديه كالوفاء والعطاء والكرم وغيرها العديد من المثلوثات الاجتماعية المحمولة للأجيال التالية تحت مظلات البيت السعودي المعروف بالحكمة والاستقامة وسط مجتمع يغمره الظلام والإنحرافات الحديثة المغرضة ضد أسرة العرب التقليدية ذات الهوية الإسلامية الراسخة الراسخة رسوخ جبل لبنان ذاته مقاومتها لكل تغيرات الزمان والجهات الأربع!


الفقيه أبو محمد

17997 مدونة المشاركات

التعليقات