بدأتْ دولةُ العَباسِيِّين -وهي ثالث دولٍ إسلاميَّةٍ– عقب انتصارها على الدولةِ الأمويَّة؛ فقد أسسها أبناء العملاق العظيم عباس بن عبد المطَّلب عم النبي الكريم صلّى الله عليه وسلّم، واتخذت مدينة الكوفَة مهدًا لها قبل انتقال العاصمة لبغداد فيما بعد، واستمرت حتى سقوطها على يد المغول سنة ١٢٥٨ ميلاديًا حينما حرقت قوات هولاكو خان تلك المدينة الجميلة وقتلت الكثير ممن فيها وشردت البقية الباقية منهم تاركة لهم ذكريات مؤلمة عن أيام مجدهم السابق. وخلال فترة حكم هذه الامبراطورية الواسعة ممتدة على عشر ملايين كيلومتر مربع ومستظاة بحوالي خمسين مليون مسلم يعيشون تحت ظلها, مرت عبر مراحل مختلفة مرتبة وفق التسلسل الزمني كالآتي:
١) العهد الجاهلي الناشئ بين العامين ۷۵۰ و۷۸۵م : شهدت بداية قيام الدولة اللبنات الأولى لدعاماتها وبزوغ سلطان رجل الدين المكتنز سياسة وحكمة هارون الرشيد ابن المنصور مؤسسها المؤسس الأعظم وصاحب القرار الرئيسي لإخماد اضطرابات الداخل واستقرار مكانتها السياسية الداخلية والدينية.
٢) حقبة ازدهار حضاري كبيرتراوحت عصره من القرن الثامن الميلادي وحتى نهاية القرون الوسطى الأوروبية الغربية؛ عرف باسم"العصر الذهبي للإسلام".
٣) الحقبة الثانية بالقرنين التاسع والعاشرميلادية تميزت بمذاقات جديدة تتعلق بصنع السياسة بشكل سلفي أكثر مما قبضتها طبقة رجال دين واسطة حكومية.
٤) الجمهورية السلجوقية المحلية المتواجدة بالمشرق الشرقي لفترة قصيرة نسبياً تنقلت مواقع السلطة بها حسب مراكز نفوذ عشائر محلية أقوى منه.
٥) الفترة الأخيرة لعهد الدولة تدعى "الملكية الملكاوية"; استقبلت المملكة المصرية أول حاكم عباسي جديد موالية لكنيسة الروم البيزنطية وذلك بسبب ذلك الاتفاق الرسمي المعلَن بين الطرفين.
وفي الوقت نفسه فإن النظام السياسي لهذه الرابية اعتمد أساساً شرعية خلافتها قائمة بإتباع منهجي صارم لشرائع القرآن والسنة النبويّة المطهرة ؛ لذلك كان لكل خليفة دور ريادي يتمثل بتطبيق العدل وتحقيق الوحدة الوطنية والمؤثر الأكبر لتحرير الشعب العربي من مخلفات الاستعمار القديم وانتشاله من مستنقع الظلم والاستعباد. وبالنظر للحجم الكبير لأعداد المسلمين آنذلك فان تناقلهم بين الايدى المختلفة تعددت بالتالي الى اكثرمن ست وثلاثون شخصية دفعت بدورها ثمار جهود اجيال كاملة فأصبحت رمز بارز لاحدى اعظم الفترات الزمنيه الغنية بتاريخ الحضاره الانسانيه جمعاء .