سميت سورة الحجرات هذا الاسم بناءً على ذكر "الحجرات" المتعلقة بسكن أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن في المدينة المنورة. وتتناول هذه السورة مجموعة مهمة من القواعد الأخلاقية والإرشادات الاجتماعية التي كانت ضرورية لتأسيس مجتمع المسلمين المبكر. وهي إذن تشير بوضوح إلى مكان أهميتها داخل المجتمع الإسلامي الناشىء حينذاك.
هذه السورة المدينية تتكون من ثمانية عشر آية فقط ولكنها تحمل عمقًا كبيرًا ومعاني جوهرية حول كيفية التعامل مع الرسول صلى الله عليه وسلم وكيفية تنظيم الحياة اليومية للمجتمع المسلم. ويظهر هذا من خلال التركيز على أداب الحديث مع النبي الكريم، واحترام خصوصيته، وحماية حرمة بيوت أمهات المؤمنين. كما تحث السورة أيضًا على الانصياع لأوامر النبي واستحضار التقوى عند الغضب أو الصمت أمام أمر رسول الله.
نزلت سورة الحجرات بسبب عدة أحداث حدثت أثناء حياة النبي صلى الله عليه وسلم. أول تلك الأحداث كان نقاش نشب بين الصحابة حول اختيار قائد لجيش، مما أدى إلى ارتفاع مستوى الصوت بشكل غير مناسب أمام الرسول. أما الحدث الثاني فهو حالة الجهل التي تعرض لها بعض الصحابة عندما استخدموا أسماء خاصة بالرسول بدلاً من الأسلوب المناسب للتحدث إليه، الأمر الذي حكم عليه بأنه مخالف للأمانة الروحية والتواصل المستقيم معه. بالإضافة لذلك، سلطت الآية الرابعة الضوء على قضية الفساق الذين كانوا ينادون الرسول خلف حجره بدون تفكير منطقي سليم. أخيرا وليس آخرا، جاء نزول الآية السادسة نتيجة لإساءة فهم وقعت بين بني المصطلق والرسول الكريم والتي هددت باتخاذ إجراء عدائي غير مستحق ضد قبيلة برئية.
بهذه الطريقة، تحدد لنا سورة الحجرات نموذجا أساسياً للسلوك المؤثر والمستدام ضمن المجتمع الديني والأخلاقي، مؤكدة بذلك على ضرورة الاحترام العام والحفاظ على نظام اجتماعي نظيف وطاهر بعيد كل البعد عن العنف والفوضى والصراع الداخلي.