إن فهم معنى "أول شيء بناه الله" يتطلب استحضار علم التأويل والتفسير الدقيق لكلمات النص القرآني الكريم. وفقًا للسورة الآية التي تبرز دور اليد والقوة في بناء الكون، يمكن اعتبار السماء هي أول بناية خُلقت برؤية الله الفذة وبيده النافذة.
ويوضّح علماء التفسير قول الحقّ سبحانه وتعالى: {وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} [الدخان:٣] بأن الأيدي هنا تعبر عن القدرة والعظمة والإتقان في عملية الخلق الحكيمة. وقد أكّد ابن منظور صاحب كتاب "لسان العرب" هذا المعنى حين شرح عبارة "(بأيد)" بأنها تشير للقوة والقوام. أما تفسيرات أخرى لهذه الآيات مثل توسيع الرزق عبر الأمطار المستمرة واتساع المصالح الإنسانية وغيرها كلها توضح مدى عمق وشموليتها في تناول جوانب مختلفة من قدرة الخالق الواحد.
وبينما يناقش المؤمنون أيضًا حول أول مخلوق للخالق عزّوجل، فإن الكتاب المقدس والسنة المطهرة قد تركتا هذه المعلومة غامضة ولم يتم ذكرها بصريح العبارة مما أدى لظهور عدة آراء معتبرة وغير معتبرة. ومن أشهر الآراء التي اعتبرها أهل العلم موثوق بها تلك القائلة إن القلم كان اول عمل للإله جل وعلا حسب تأويلات ابن كثير وابن حجر رحمهما الله تعالى وكذلك اعتبار العرش بذلك بحسب رأي ابن تيمية وابن القيم رضي الله عنهما. بينما يذهب بعض المفسرين مثل ابن مسعود وأتباعه بإمكانية اختيار الماء مادة أولى للحياة قبل ظهور البشر والنباتات وما إليها مما يدلل علي حضرة المياه منذ بدء الانشاء .لكن تبقى معظم التفاصيل المتعلقة بهذا الجانب مجهولة ومعلومات محاطه بالحكمة والخفاء كيوم القيامة حال معرفتنا لها! فلا ينبغي لنا الاسترسال كثيرا فيما ليس لدينا فيه يقين كامل. إنها مجالات تحتاج لصبر واحتساب واحترام حدود النصوص الشرعية فقط عند اقتراح افكار جديدة حول حياة الكون الأولى !وتلك باختصار اسهاماتها للعلم والفكر الإنساني العام.
