الحمد لله الذي جعل قيام الليل في رمضان من أعظم العبادات وأجل الطاعات. لم يحدد الشرع حداً أدنى أو أعلى لقيام الليل في رمضان، فالمسلم حر في أن يصلي ما شاء من الركعات. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "نفس قيام رمضان: لم يوقت النبي صلى الله عليه وسلم فيه عدداً معيناً".
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتني بقيام الليل في رمضان، وكان يجتهد فيه ما لا يجتهد في غيره. كما كان جبريل عليه السلام يدارس النبي صلى الله عليه وسلم القرآن الكريم في كل ليلة من ليالي رمضان. وقد وردت أحاديث كثيرة تشجع على قيام الليل في رمضان، مثل حديث أبي ذر رضي الله عنه: "إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حُسب له قيام ليلة".
أما أقل ما يصلي الرجل من ليله، بعامة، فهو ركعة الوتر. ولكن قيام ليلة من رمضان بمجرد ذلك يحتاج إلى نظر، لأن الشرع حث على قيام خاص يكون في رمضان آكد من قيام غيره من ليالي العام. وكان حال رسول الله صلى الله عليه وسلم وحال السلف الصالح كذلك.
بالنسبة لأفضل عدد من الركعات، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي إحدى عشرة ركعة في رمضان وغيره، كما روت عائشة رضي الله عنها. ولكن هذا لا يعني أن الزيادة على ذلك محرمة، بل هي مستحبة ومباركة.
وفيما يتعلق بالمرض، فإن العبد إذا مرض أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً، كما ورد في الحديث الشريف. فمرضك تلك الليلة لا يمنعك من الحصول على ثواب قيامك السابق تفضلاً من الله تعالى.
ختاماً، فإن تلاوة القرآن وتدبر معانيه من أفضل أنواع الذكر والعبادة، وخاصة في شهر رمضان الذي هو شهر القرآن. فإذا جمع المسلم بين الصلاة والتلاوة بحيث يصلي بما يقرأ من القرآن فإنه يجمع بين الخيرين، وإذا اقتصر على القراءة بخشوع وتدبر ففي ذلك خيراً كثيراً وثواباً عظيماً. نسأل الله أن يوفقنا جميعاً لقيام الليل في رمضان وأن يجعلنا من عتقائه من النار.