الدولة الفاطمية واحدة من أهم الدول الإسلامية التي تركت بصمة عميقة في التاريخ الإسلامي والعربي. أسسها عبيد الله المهدي سنة 909 ميلادية في إفريقيا الشمالية بعد عصيان دام طويلاً ضد الخلافة العباسية. استمر حكم هذه المملكة لمدة حوالي ثلاثة قرون، حتى انتهى بدخول صلاح الدين الأيوبي القاهرة عام 1171 م.
تميز عصر الدولة الفاطمية بتطور ملحوظ في مجالات مختلفة منها الثقافية والدينية والفلسفية. ولعل أكثر ما يميز هذا العصر هو بناء مدينة القاهرة الجديدة والمعروفة اليوم باسم "المدينة الفاطمية"، والتي تضمنت العديد من المعالم الدينية والمدنية البارزة مثل جامع أحمد بن طولون وجامع الأزهر والمدرسة المؤيدية وغيرها الكثير. كما شهد هذا الوقت نهضة علمية وفكرية كبيرة تحت مظلة التنوير المستوحاة من الحركة البويهية.
من الناحية السياسية، كانت هناك محاولات متكررة للتوسع الجغرافي والتأثير السياسي خارج حدود مصر الشاسعة آنذاك. ولكن رغم كل الصراعات الداخلية والخارجية، ظل سيف الدين قطز ويوسف بن أيوب قوتين قويتين حافظتا على كيان الدولة وأغلقتا الباب أمام الغزو المغولي قبل سقوط بغداد بخمس سنوات فقط.
وفي المجال الديني، تبنت الدولة الفاطمية الطائفة الشيعية الإسماعيلية التي أثرت بشكل كبير في العقيدة والشريعة خلال فترة وجودها. ومع ذلك، فإن تأثيرها الأكبر كان واضحاً عبر مدارس الفقه والأدب والأعمال الخيرية والبنى التحتية التي شيدتها سواء داخل المدن المصرية أو خارجها مما أكسبها مكانة عظيمة ضمن مسيرة الحضارة الإنسانية جمعاء.
ومع مرور الوقت وتغيير الحكم، اختفت آخر معاقل الدولة الفاطمية لكن إرثها الأخلاقي والثقافي والاجتماعي لم ينتهِ أبداً، وهو ما يمكن رؤيته وشموله لعصور لاحقة وصولاً إلى يومنا الحالي.