بدأت رحلة النشوء للدولة العباسية كحركة سياسية وثورية تمردت ضد حكم الأمويين. هذه المحاولات الأولى للحكم المستقل لم تكن سهلة؛ إذ واجه المؤسسون - الذين كانوا من سلالة بني العباس - مقاومة شديدة. ومع ذلك، استمرت جهودهم حتى وصلوا إلى نقطة تحول حاسمة عندما نجحت قواتهم تحت قيادة أبو مسلم الخرساني في هزيمة الجيش الأموي عام 132 هجرياً/750 ميلاديًّا.
بعد هذا الانتصار، بدأ عصر جديد في الشرق الإسلامي مع تعيين أول خليفة عباسي وهو أبي العباس السفاح. لكن القوة الحقيقية للخلافة العباسية بدأت تتضح خلال عهد خلفائه الأقوياء مثل هارون الرشيد والمأمون وابنيه المتوكل والمعتصم. أدخل هؤلاء الخلفاء العديد من الإصلاحات الإدارية والقانونية التي عززت مكانة بغداد باعتبارها مركز الثقافة والعلم في العالم الإسلامي.
خلال فترة ازدهارها القصوى، شهدت الدولة العباسية تقدمًا هائلاً في مجالات الفن والعمارة والأدب والشعر والفلسفة وغيرها الكثير. أصبح الأدباء الشعراء أمثال الجاحظ والمتنبي وجاهزين بالحفاظ على تراث اللغة العربية وتعزيزها. كما أسهم المسجد الكبير وبازارات المدينة القديمة في تشكيل ملامح الحياة اليومية للمواطنين.
ومع ذلك، فإن وجود دول متمردة حول الحدود وتزايد الصراعات الداخلية وضعف سلطة بعض الخلفاء اللاحقين كلها عوامل أدت إلى تفكك السلطة المركزية وبدأ الانحدار نحو الغروب التدريجي لهذه الحقبة الفاطمية الرائدة. رغم النهايات المؤلمة لها، تركت الثروات العمرانية والثقافية والدينية لدولة العباسين بصمة عميقة لا تزال تبقى حتى يومنا هذا.