سورة سبأ، وهي السورة الرابعة والثلاثون في ترتيب المصحف، تأتي بعد سورة لقمان في ترتيب النزول. وهي سورة مكية خالصة، باستثناء الآية السادسة التي يرى بعض العلماء أنها مدنية. عدد آياتها خمس وخمسون آية في المصحف الشامي، وأربع وخمسون آية في غيره. سميت بهذا الاسم لاشتمالها على قصة أهل سبأ وما أصابهم من نقم بسبب عدم شكرهم لنعم الله عليهم.
تبدأ السورة بالثناء على الله تعالى، حيث تقول: "الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض، وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير". ثم تحكي السورة الكريمة جانبا من أقوال الكافرين في تكذيبهم ليوم القيامة، كما تحكي أيضا بعض أقوالهم الباطلة التي قالوها في شأن النبي ﷺ ثم ترد عليهم بما يخرس ألسنتهم.
بعد ذلك، تنتقل السورة إلى الحديث عن جانب من قصة داود وسليمان -عليهما السلام-، فتحكي ما آتاهم الله تعالى إياه من خير وقوة وكيف أنهما قابلا نعم الله تعالى بالشكر والطاعة، فزادهما -سبحانه- من فضله وعطائه: "اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادى الشكور". وكعادة القرآن الكريم في جمعه بين الترغيب والترهيب، وبين حسن عاقبة الشاكرين، وسوء عاقبة الجاحدين.. جاءت في أعقاب قصة داود وسليمان -عليهما السلام- قصة قبيلة سبأ، وكيف أنهم قابلوا نعم الله الوفيرة بالجحود والإعراض، فمحقها -سبحانه- من بين أيديهم، كما قال -تعالى-: "ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور".
تتناول السورة أيضا موضوعات أخرى مثل الإيمان بالغيب، والرد على المشركين الذين ينكرون البعث والجزاء، وتؤكد على علم الله تعالى بكل شيء في السماوات والأرض، حتى أصغر ذرة لا تخفى عليه. كما تحذر من عاقبة الكفر والجحود، وتذكر نعمة الله على عباده المؤمنين.
في الختام، تعد سورة سبأ من السور التي تجمع بين الترغيب والترهيب، وتحث على الشكر والامتنان لنعم الله تعالى، وتذكر عاقبة الجحود والكفر.