في رحلة البحث عن سير الأنبياء والدراسات الدينية، يأخذنا الحديث إلى شخصية بارزة من العهد القديم وهي شخصية سيدنا إدريس عليه السلام. يُعتبر إدريس واحداً من أقدم الأنبياء المعروفين، ويُستدل على ذلك من نسبته الواردة في النصوص المقدسة التي تربطه بجذور آدم عليه السلام مباشرةً. وفقاً لتاريخ البشرية المبكر، فإن إدريس بن يرد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم حسب التسلسل المتبع في بعض الروايات التاريخية. هذه الروابط توضح مدى قدم رسالته ومكانته بين الأجيال الأولى للإنسانية.
إدريس عليه السلام معروف أيضاً بلقب "الصديق"، وهذا يشير ضمنياً لشخصيته الحميدة ودوره الفريد كمربٍ للأجيال القادمة. يؤكد القرآن الكريم على أهميتها عندما ذكر قصة هذا النبي الكبير في سورة مريم الآية ١٥٦:"وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا * وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا". هنا يتم التأكيد ليس فقط على صدقه ونبوته ولكن أيضا على المكانة الرفيعة التي منحها له الله سبحانه وتعالى نتيجة لصبره وتقواه.
أما بشأن موته فهو أمر لم يحظ بالتدوين التفصيلي في التراث الإسلامي بشكل واضح مثلما حدث مع نبيه آخر وهو عيسى عليه السلام. هناك خلافات أكاديمية حول طبيعة انتقاله الأخيرة وما إذا كانت مشابه لحياة يسوع المسيح أم أنه انتقل بطريقة أخرى غير محددة تماماً في كتب الدين. ومع ذلك، فالشيء المؤكد هو أن إيمان المسلمين يتطلب الاعتقاد بأن جميع الأنبياء صادقون وأن حياتهم وكل ماضيهم جزء مما جاء به الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
هذه الدراسة تشكل احتفاء بمسيرة رجل ظل لفترة طويلة رمزا للاستقامة والإخلاص لله. يستلهم المسلمون اليوم الكثير منه ويعبرون عبر شعائر دينهم عن تقديسهم لكل شخص اختاره الرب لنشر دعوة الحق والخير.
