الحمد لله الذي هدانا للإسلام، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
تعد صلاة التراويح من السنن المؤكدة في شهر رمضان المبارك، وقد اختلف العلماء في أقل عدد ركعات لها. وفقًا للحديث النبوي الشريف، روى البخاري في صحيحه عن عبد الرحمن بن عبد القاري قال: "خرجت مع عمر بن الخطاب في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء مع قارئ واحد لكان أمثل ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب". كما روى مالك في الموطأ عن يزيد بن رومان قال: "كان الناس في زمن عمر يقومون في رمضان بثلاثٍ وعشرين ركعة".
وقد أجمع العلماء على أن أقل عدد ركعات في صلاة التراويح هو إحدى عشرة ركعة، وهو ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث متعددة. فقد روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم "ما زاد في رمضان ولا غيره عن إحدى عشرة ركعة". ومع ذلك، فإن الزيادة على هذا العدد جائزة بلا شك، حيث قال الإمام الترمذي رحمه الله: "اختلف أهل العلم في قيام رمضان فرأى بعضهم أن يصلي إحدى وأربعين ركعة مع الوتر، وهو قول أهل المدينة، والعمل على هذا عندهم بالمدينة، وأكثر أهل العلم على ما روي عن عمر وعلي وغيرهما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عشرين ركعة".
ومن الأدلة على جواز الزيادة على إحدى عشرة ركعة حديث ابن عمر في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة". كما روى مالك في الموطأ عن السائب بن يزيد قال: "كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب في شهر رمضان بعشرين ركعة وكانوا يقرأون بالمئين وكانوا يتوكؤون على عصيهم في عهد عثمان من شدة القيام".
وفي النهاية، فإن الأمر واسع والحمد لله، فالأفضل هو اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم وصلاة إحدى عشرة ركعة، ولكن إذا كان طول القيام يشق على الناس، فاستعاضوا عنه بكثرة الركوع والسجود، وإذا كان يشق عليهم صلاة عدد كثير من الركعات فاقتصر الإمام على إحدى عشرة ركعة يطول فيها ويحسن قيامها وركوعها وسجودها فهذا أولى.
