يُعدُّ الإسلام ديناً شاملاً يحثُّ أتباعَه على اتِّباع نهجٍ مثاليٍّ للحياة الصحيحة والسلوك الأخلاقي. واحدةٌ من أهم القيم التي يُعزِزها هذا الدين العظيم هي اهتماماه البالغان بورع الطهارة والنظافة، والتي تشكل جزءً أساسيًّا من العقيدة والمعتقدات الإسلامية. إنَّ مفهومَ النظافة ليس فقط سلوكيًا وماديًا ولكنه أيضًا روحاني وتربوي يمتد أثره إلى جوانب مختلفة من الحياة اليومية للمسلم.
في القرآن الكريم، نجد العديد من الآيات التي تؤكد على دور النظافة الشخصية والبيئية في بناء مجتمع متكامل ومتماسك. كما جاء الحديث الشريف مُحددا لبعض الفرائض والمستحبات المتعلقة بالنظافة مثل الوضوء والصلاة والاستنجاء وغيرها مما يعكس مدى تقدير الرسول صلى الله عليه وسلم لهذه الأمور الحيوية.
على سبيل المثال، أمرنا الله تعالى بغسل اليدين قبل الأكل وبعده وكذلك عند الخروج من الحمام كوسيلة فعالة لمنع انتشار الجراثيم والأمراض. وفي حديث آخر، يشجعنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم على استخدام الماء كمادة تنظيف رئيسية قائلا "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى". هذه النصوص الدينية توضح لنا كيف يمكن ربط الطاهر الناصع النقاء بالحالة الروحية والعقلية للإنسان المسلم.
وبالإضافة لذلك، فإن تعاليم الإسلام تدعو أيضًا للحفاظ على البيئة نظيفة وخالية من التلوث بما يتماشى مع مبادئه الأساسية المحافظة على خلق الله وحفظ البيئة. وقد أكدت السنة النبوية ذلك عندما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما معناه أنه مَن ألحق ضررا بجاره فهو آثم وعليه دفع الضرر عنه. وهذا يدل جليا على مسؤوليتنا الجماعية تجاه بعضنا البعض واحترام حقوق الآخرين والحفاظ عليها ضمن جسد المجتمع الواحد.
وفي الختام، يعلمنا الإسلام درسًا عميقًا حول أهمية تحقيق الانسجام بين الجوانب المختلفة لحياة الإنسان -الجسد والجماعة- وذلك عبر تبني ثقافة طاهرة ونظيفة تنبع من الإيمان وتؤدي إلى رضا الخالق عز وجل وفائدة خلقه أيضاً. إنها دعوة مستمرة لتأدية واجباتنا نحو الذات ومعاشرينا وبذا نعيش حياة هانئة مطمئنة وفقا لما شرعه رب العالمين جل وعلى.