الفرق الدقيق بين العهد والوعد: دراسة تحليلية من منظور لغوي وديني

بينما قد يستخدم بعض الأفراد المصطلحين "العهد" و"الوعد" بشكل متبادل، إلا أنهما يشيران فعلاً إلى مفاهيم مختلفة ومعاني دلالية فريدة ضمن السياقات الثقافية

بينما قد يستخدم بعض الأفراد المصطلحين "العهد" و"الوعد" بشكل متبادل، إلا أنهما يشيران فعلاً إلى مفاهيم مختلفة ومعاني دلالية فريدة ضمن السياقات الثقافية والإسلامية. وكما ورد في كتاب الله العزيز والسنة المطهرة للرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم، فإن لكليهما مكانته الخاصة وأثر كبير في تعزيز العلاقات الأخلاقية والأمانة.

مفهوم "العهد":

العهد يُشير إلى نوعٍ مُحدد من الالتزامات القائمة على العقود القانونية والشرائط المفروضة والتي تُترتب عليها مسؤوليات محددة وعواقب لمن يخالف بنود هذه الاتفاقات. يمكن تتبع جذور هذا المفهوم عبر التاريخ الإنساني باعتباره وسيلة أساسية لتأسيس الثقة وحفظ الحقوق. وفي سياق الإسلام، يعدّ الوفاء بالعهد أحد الأعراف الإسلامية الرئيسية التي تؤكد أهميتها الآيات القرآنية مثل قوله تعالى: "[وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا](الإسراء:34)". بالإضافة إلى حديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بشأن نفاق البعض حين ينكثون بهذه الأنواع من التعهدات المتفق عليها.

وتجسد قصة النبي آدم عليه السلام مثالًا بارزًا لعهد ملزم وضعه الرب عز وجل أمام الإنسان الأولى حين قال:"[وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِي](طه:115)", وإن عصيان آدم لذلك العقد أدى لنكبته وخروجه من الجنان.

مقابل ذلك يأتي "الوعد":

يشير الوعد غالبًا لأفعال أكثر مرونة وليست مشروطة شرطيًا كما سبقت الإشارة إليه سابقًا. إنه شكلٌ بسيط وغير رسمي للحفاظ على الحقيقة والتعبيرعن رغبة صادقة تجاه الآخرين. ويكون العقاب المرتبط بخلاف الوعد أقل شدة منه لمن يسعى لإفساد عقد أو اتفاق مكتوب وموقع. ويظهر هذا التوضيح بصورة واضحة في حياة الأطفال عبر آمال آبائهم المستقبلة لهم هدايا مثيرة تحت سقف المنزل خلال عيد ميلاد طفلهم التالي - فتلك الأشياء ليست بالتأكيد جزءً مما سنتحدث عنه فيما يلي حول "العهد".

حكم الشرع بشأن كلتا الكلمتين:

توضّح النصوص المقدسة للإسلام مديونيتنا نحو الامتثال للعهد، إذ يعكس مخالفة تلك الأحكام حالة طردية للممارسات المنافية لقيم الصدق والكرم والحكمة. وعلى الرغم من توصيات العديد من علماء المسلمين بأن وفاة الوعد تعد أيضًا أمر ضروري بناءًعلى اعتقاد ذاته خلف خلق الوعد نفسه وما سيؤول إليه الأمر؛ إلا أنه يوجد داخل المجتمع العلمي خلاف حول الحكم النهائي لهذه المسألة: هل يعتبر مطلوبًا للإنسان تنفيذ جميع تعهّداته الصغيرة؟ أم أنها مجرد مستحسنة فقط؟

خلاصة المقارنة بينهما:

يمكن تلخيص الاختلافات الأساسية بينهما كالآتي: بينما يحتاج العهد لحماية قانونية وشخصيات ذات سلطة لتحقيق العدالة عند انتهاكه; فالوعد قرار فردي المصدر وقد يصطبغ بشكل مختلف بحسب درجة الانشغال لدى شخص آخر بموضوع طرح العهد أصغر حجماً. علاوة على ذلك، فإن استعمال عبارة "نقض العهد" تكشف ببساطة عدم الاحترام للقوانين المنظمة للأمر أثناء إجراء عمليات التفاوض والاستجابة لمطالب المتحاورين الأخرى بديلًا عنها .ومن ثم فإن التصريح برفض الاستمرار بتطبيق توجهات الطرف المغاير لدينا باتفاق سابق يعني بكل تأكيد مواجهة نتائج كارثية اجتماعية واقتصادية ونفسية بالنسبة لنا ولجميع آخرين كذلك كذلك كذلك كذلك كذلك كذلك


الفقيه أبو محمد

17997 بلاگ پوسٹس

تبصرے