سميت سورة الجاثية بهذا الاسم بسبب ذكرها لاجتماع الأمم يوم القيامة أمام الله -تعالى- لمحاكمتهم وحسابهم، حيث تكون كل أمة جاثية على ركبها من شدة الخوف والهلع مما تراه من أهوال وأحداث يوم القيامة. وقد ورد هذا الوصف في الآية الكريمة: "وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ" [الجاثية: 28].
وتسمى سورة الجاثية أيضًا بسورة الشريعة؛ لأنها تتحدث عن نسخ شريعة الإسلام لسائر الشرائع السابقة، حيث قال الله -تعالى-: "ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ" [الجاثية: 18]. وتسمى بسورة الدهر لذكرها لهذا المصطلح.
أما كلمة "الجاثية"، فقد وردت في الآية الكريمة بمعانٍ متعددة، منها: الجاثية أي المستوفزة، والمستوفز هو الشخص الذي لا يستطيع أن يصيب الأرض إلا بركبيته وأطراف أنامله لخوف أصابه. أو الجاثية أي المجتمعة، أو المتميزة، أو الجلوس على الركب، أو الخاضعة والذليلة.
وتعد سورة الجاثية من السور المكية، نزلت في أواخر حياة المسلمين في مكة، بعد حادثة الإسراء والمعراج وقبل الهجرة إلى المدينة المنورة. وتتناول السورة موضوعات متعددة، منها الثناء على القرآن الكريم، وحث الناس على التفكر في خلق الله -تعالى- للسموات والأرض، والحديث عن النعم الكثيرة التي أنعم الله -تعالى- بها على عباده، والرد على الدهريّة الذين لا يؤمنون بالله -تعالى- ولا بالبعث بعد الموت، وإنذار الكافرين ووعيدهم بالعذاب الشديد يوم القيامة.